أقول : وإنّي في الوقت الذي أرى صحة ما ذكره من تأثير طلاب ابن عباس في العقلية العربية في العصر الأموي ، غير أنّي ألاحظ عليه :
أوّلاً : عدم الدقّة في التعبير فيما نقله عن ابن الأثير ، حيث قال : وقد ذكر ابن الأثير أسماء أكثرهم؟ فإنّ ابن الأثير لم يذكر إلاّ خمسة وعشرين اسماً ، وهذا الرقم هو القليل وليس الكثير فضلاً عن الأكثر. ولذا عقّب ابن الأثير بقوله : وخلق كثير غير هؤلاء ... الخ.
وهذا هو الصحيح فستأتي أسماء من عرفنا منهم ما يزيد على عشرة أضعاف مَن ذكر.
ثانياً : عدم دقّة الملاحظة في التعبير ، إذ لم يفرّق بين الطلاب والرواة. فإنّ عنوان الطلاب أخص من الرواة كما هو واضح ، إذ ليس كلّ راوٍ يُعدُ طالباً. كابن عمر وأنس وعروة بن الزبير ووهب بن منبّه وكعب الأحبار فهم ليسوا من طلابه ، وإنّما لهم روايات عنه فهم رواة. ومجرّد ذلك لا يصحح عدّهم من الطلاب ، وإن وردت أسماؤهم ضمن قائمة الرواة عنه.
ثالثاً : عدم الدقة في النقل ، فإنّ حشر أسماء كعب الأحبار ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح باذام ، ضمن من ذكرهم ابن الأثير مع عدم ذكرهم عنده يكشف عن عدم الدقة في النقل ، فكان عليه أن ينبّه إلى أن مأخذه في هؤلاء عن غير ابن الأثير. وهو قد ذكر ( الإتقان ) في الهامش مع ( أسد الغابة ) ، فيبدو أخذهم منه.
ومهما يكن فلا شك في أنّ لحبر الأمة أثره الكبير في رفد العقلية العربية