الإسلامية بمعين لا ينضب من علوم القرآن والحديث والعربية والتاريخ وغيرها ، فكان جملة تلامذته المشهورين هم روافده في الأمّة ، قد أخذوا عنه ما مكّنهم في تبوّء المكانة العلمية من بعده في أقطارهم ، حتّى ضُرب بهم المثل ، كسعيد ابن جبير ، ومجاهد ، وطاووس ، وأضرابهم ، وليس كلّ تلامذته كذلك بل كانوا يتفاوتون في تحصيلهم حسب استعدادهم ومدى قابلياتهم العقلية.
ذكر البخاري في كتابه في ترجمة مجاهد بن جبر القاري ، عن خصيف قال : ( كان أعلمهم ـ يعني تلامذة ابن عباس ـ بالطلاق سعيد بن المسيب ، وبالتفسير مجاهد ، وبالحج عطاء ، وبالحلال والحرام طاووس ، وأجمعهم في ذلك كله سعيد بن جبير ) (١).
أمّا سائر الرواة عنه فهم خلق كثير كما يقول ابن الأثير ، أو خلائق كما يقول ابن حجر في ( التهذيب ).
وقد وقفت على ما يزيد على أكثر من ٥٠٠ انساناً لهم ذكر في رواية عنه؟ أو سماع منه. وقد فاتني الكثير الكثير فيما أقطع به ، فإنّ الرواية عنه قد استمرت زمناً ينيف على نصف قرن ، ويكفي سماع الحاج منه أيام الموسم ، حيث كان يجلس في قبة زمزم ، والناس عليه عكوف ، فيسمعون منه ويعودون إلى بلدانهم فيحدّثون بما سمعوه منه ، فكم كان عدد الحاج الذي سمع منه؟ فذلك لا يعلمه إلاّ الله سبحانه.
وإنّ حديث أبي صالح عن مجلس واحد يكشف لنا مدى تزاحم
____________________
(١) التاريخ الكبير ٤ / ٤١٢.