يخاف في الله لومة لائم (١) ـ فقد روى ابن عساكر في تاريخه من طريق عمير ـ عبيد ـ بن رفاعة قال : ( مرّ على عبادة بن الصامت وهو في الشام قطارة تحمل الخمر ، فقال : ما هذه؟ أزيت؟ قيل : لا بل خمر تباع لفلان ، فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر منها راوية إلاّ بقرها ، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام ، فأرسل فلان إلى أبي هريرة يقول له : أما تمسك عنا أخاك عبادة؟ أمّا بالغدوات فيغدو إلى السوق فيفسد على أهل الذمة متاجرهم ، وأمّا بالعشي فيقعد في المسجد ليس له عمل إلاّ شتم أعراضنا أو عيبنا ، فأمسك عنا أخاك.
فأقبل أبو هريرة يمشي حتّى دخل على عبادة ، فقال له : يا عبادة مالك ولمعاوية؟ ذره وما حمل ، فإنّ الله يقول : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ) (٢) ، قال : يا أبا هريرة لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب ، فنمنعه ممّا نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ، ولنا الجنّة ، فهذه بيعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي بايعناه عليها ، فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ومن أوفى بما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفى الله له
____________________
(١) سنن البيهقي ٥ / ٢٧٧.
(٢) سورة البقرة / ١٤٣.