الأشعث ، وكان يقول يوم دير الجماجم : ( قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبّرهم على عباد الله وإماتتهم الصلاة وإستذلالهم المسلمين ) ، ولمّا فشلت الثورة ذهب إلى مكة فاراً عائذاً لائذاً بحرم الله ، ولكن ألقي القبض عليه ، فقال يوم أخذ : ( وشي بي واشٍ في بلد الله الحرام أكله إلى الله ) ، فقيّد وتسعة معه فكانوا يطوفون بالبيت مقيّدين. وسمع خالد بن عبد الله ـ القسري ـ صوت القيود فقال : ما هذا؟ فقيل له سعيد بن جبير ، وطلق بن حبيب وأصحابهما يطوفون بالبيت ، فقال : اقطعوا عليهم الطواف. فسيّر بهم إلى الحجاج وجرى بينهما من الكلام ما دلّ على صلابة سعيد في إيمانه ، وخور الحجاج مع شقاوته ، ولمّا قتل فندر رأسه هلّل ثلاثاً ، مرّة يفصح بها وفي الثنتين يقول مثل ذلك فلا يفصح بها ، رحمه الله. ولم يقتل الحجاج بعده أحداً إستجابة من الله سبحانه لدعاء سعيد بن جبير.
وقد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام ، وقال الكشي في ترجمته : ( حدثني أبو المغيرة ، قال : حدثني الفضل ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إنّ سعيد بن جبير كان يأتم بعليّ بن الحسين عليه السلام ، وكان عليّ عليه السلام يثني عليه ، وما كان سبب قتل الحجاج له إلاّ على هذا الأمر وكان مستقيماً ... وذكر ما جرى من كلام بينه وبين الحجاج ) (١).
____________________
(١) راجع ترجمته في معجم رجال الحديث ٨ / ١١٦ط الاولى ، واختيار معرفة الرجال ١ / ٣٣٥.