اتهمه ، فهو قد أتى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في سنة سبع بعد فتح خيبر ، وزعم أنّه صلى الله عليه وآله وسلم جعله عريف أهل الصُفّة ، وقد أرسله مؤذناً مع العلاء الحضرمي إلى البحرين وكان ذلك في السنة الثامنة ، ولم يعد إلى المدينة إلاّ بعد أن استقدمه عمر في خلافته للشهادة على قدامة بن مظعون لشربه الخمر ، ومرّة أخرى سنة قاسم فيها العمال ، فقال له عمر : ( استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه ) (١) ، وفي طبقات ابن سعد عنه : ( أنّه قال لعمر : خيل لي تناتجت وسهام لي اجتمعت ، فأخذ مني إثنا عشر ألفاً ) (٢). فكانت مدّة صحبته للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم سنة وعدّة أشهر؛ ومع قصر تلك المدّة فقد أخرج له أحمد في مسنده ( ٣٨٤٨ ) حديثاً ، وروى له بقي بن مخلد في مسنده ( ٥٣٧٤ ) ، بينما بقية الصحابة مَن هم أشدّ لصوقاً بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأقدم سلماً ، وأكثر حضوراً معه وعنده في السفر والحضر ، لم يبلغ واحد منهم مبلغ أبي هريرة في روايته! ومهما قيل في تبرير ذلك من أقوال فهي غير مقبولة ، وأعذار واهية ، ولو نظرنا إلى المكثرين من الصحابة لا نجد من يوازيه ، فهو على أميّته ـ إذ لم يكن يعرف الكتابة ـ فاقهم بطوفان وعاء واحد ، ورحم الله أمة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم من الوعائين الذين سترهما ، وما أوسع كيس أبي هريرة!!
ولا نريد أن نتجنى عليه ولا على غيره من الصحابة ، ولكن من حقنا
____________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١١١ ـ ١١٣.
(٢) طبقات ابن سعد ٤ / ٥٩ ـ ٦٠.