وكان حذيفة رضي الله عنه قد خُصّ بعلم المنافقين ، و ] استفرد [ بمعرفته علم النفاق وأسبابه ودقائق الفتن ، فكان عمر وعثمان وكبار الصحابة ( رضي الله عنهم ) يسألونه عن الفتن العامّة والخاصة ، وكان يُسأل عن المنافقين فيخبر بعدد من بقي منهم ولا يخبر بأسمائهم (١).
إلى غير ذلك ممّا دلّ على أن ليس كلّ ما رواه الصحابة كان سماعاً من فَلَق فيه صلى الله عليه وآله وسلم ، ومع ذلك لم يذكر عن زوامل الأسفار من أشكل على تلك الحال. بل رأينا الكثير ممّن شغف حبّاً ببعض الصحابة ، يكيل المدح جزافاً لهم ، ويدافع مستميتاً عن أولئك البعض أمثال أبي هريرة الذي منح وسام ( راوية الإسلام ) ، وقد صدر بهذا الإسم كتاب لمحمد العجاج الخطيب الشامي يدافع فيه عنه ولكنه كان دفعاً بالصدر ، وهو مليء بالمغالطات ـ وحبّ الشيء يعمي ويصمّ ـ تحامل فيه على من تناول أبا هريرة بالتجريح ، ولو كنّا بصدد الردّ عليه لحاسبناه حساباً عسيراً ، ولكن نذكّره والقارئ إلى ما جاء في صحيح البخاري من اعتراف أبي هريرة بإتهام الصحابة له حيث يقول : ( إنّكم تزعمون أنّ أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله ... ) ، وفي رواية أخرى : ( يقولون أنّ أبا هريرة قد أكثر ... ) (٢).
وإذا أردنا محاسبته بعملية حسابية بسيطة نجد اللوم عليه لا على من
____________________
(١) إحياء علوم الدين للغزالي ١ / ٧٨ ط مصر.
(٢) صحيح البخاري ١ / ٣١ كتاب العلم باب كتابة العلم.