وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنّ الميت ليعذّب ببكاء أهله ).
قال ابن عباس : فلمّا مات عمر ذكرت ذلك لعائشة ، فقالت : يرحم الله عمر ، والله ما حدّث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الله يعذب المؤمنين ببكاء أحد ، ولكن قال : ( إنّ الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه ) ، قال : وقالت عائشة : وحسبكم القرآن ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (١) ، قال : قال ابن عباس عند ذلك : والله أضحك وأبكى.
قال ابن أبي مليكة : فو الله ما قال ابن عمر من شيء ) (٢).
فبعد هذا ، هل نصحح ما صنعه الطبراني في معجمه الكبير من إسناد كلّ من ابن عباس وابن عمر أحدهما عن الآخر لمجرد هذين الخبرين. وإنّا لا نقول بالمنع؟ إذ لا يعني هذا القول بإمتناع رواية الأقران بعضهم عن بعض ، بل يمكن حتّى رواية الأكابر عن الأصاغر فهي موجودة.
لكن الذي ذكره الطبراني في ترجمة كلّ منهما في حديثه عن الآخر ليس بشيء ومخدوش سنداً ومتناً ، وإنّما ذكرت ابن عمر في جملة من روى عن ابن عباس تبعاً لمن عدّه فيهم ـ كابن أبي حاتم في ( الجرح والتعديل ) (٣) ، وتنبيهاً على ما في حديثه عند الطبراني.
____________________
(١) الأنعام / ١٤٦.
(٢) المصنف ٣ / ٥٥٤ ، صحيح البخاري ١ / ٧٩ ط بولاق ، صحيح مسلم ١ / ٣٠٣.
(٣) الجرح والتعديل ٢ / ق ٢ / ١١١٦.