قال : وكان ابن جريج قبل أن ألقاه يحدثنا عنه فنسأله عنه ، فيقول : هذا شيخ قديم ، يوهمنا أنّه قد مات. فبينا أنا ذات يوم على باب دار بمكة في حاجة لي إذ سمعنا رجلاً يقول : أدخل بنا على عبيد الله بن أبي يزيد ، فقلت : من عبيد الله بن أبي يزيد؟ قال : شيخ في هذا الدار لقي ابن عباس ، ولكنه قد ضعف حتّى لا يقدر على الخروج. قلت : أفأدخل معكم عليه؟ قالوا : نعم ، قال : فدخلنا عليه ، فجعلوا يسألونه ويحدثهم ، فقلت : ألقي عليه ما حدثنا به ابن جريج عنه. فجعل يحدثني بها فسمعت منه يومئذ أحاديث. ثمّ أتيت ابن جُريج فجلست إليه ، وأنشأ يحدّث إلى أن قال : حدثني عبيد الله بن أبي يزيد بكذا وكذا ، فقلت : حدثني به عبيد الله ـ يعني ابن أبي يزيد ـ فقال : قد وقعت عليه؟ قال : ثمّ لم أزل أختلف إليه حتّى مات. وكان ذلك سنه ١٢٦ هـ. وكان ثقة كثير الحديث ) (١).
وإنّما ذكرت بعض ترجمته ، لأنّ الرجل حدّث عن جوانب نحن بحاجة إلى معرفتها في المقام! كحديثه عن دخوله مع عطاء مع العامة ، ودخول طاووس مع الخاصة ، وهذا يكشف عن أنّ مجالس ابن عباس في الحديث ذات مراتب على نحو الصفوف في العصر الحاضر ، فالخاصة لهم مكانة أرقى من العامة ، وطاووس أرقى من عطاء في الحضور.
____________________
(١) طبقات ابن سعد١ / ٤٢ ط مصر محققة ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٢٤٢ ، وتهذيب الكمال ١٩ ، ١٧٨ ، ( باقتضاب ).