الذابح والمذبوح...
كلاهما في ساحة الابتلاء ، وعلى أُهبة الاستعداد لتنفيذ الأمر الإلهيّ بمنتهى الإيمان والصبر والتسليم.
فلمّا أوشكا أن يبدأا ـ وما أعظمه من منظر ! ( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) (١) ـ جاءهما نداء ربّهما : ( وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) (٢) وهو الأمر بالتوقّف ، إذ لم يكن الهدف هو ذبح إسماعيل أصلاً ، إنّما كان الهدف هو ظهور التسليم والإذعان والطاعة منهما مهما كان الأمر الإلهيّ صعباً ومريراً ، وليبقى هذا المشهد خالداً يصوّره القرآن الكريم على مرّ العصور ، حيث يحكي حقيقة الارتباط بالله ، وحقيقة الإيمان الذي ملأ نفوساً حتى استغرقت بالروح الإلهيّة المقدّسة ، فغاب عن مرآها كلّ شي دون الله.
بعد أن قطع إبراهيم كلّ الابتلاءات ، وحقّق ما حقّقه من نجاح كبير ، وأثبت ما أثبته من جدارة وكفاءة ، أراد الله أن يهبه المنصب الجديد الذي استحقّه وصار أهلاً له ، هذا المنصب هو الإمامة ، حيث قال سبحانه : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) فصار إبراهيم بإرادة الله وجعله إماماً للناس أجمعين.
__________________
(١) الصافات (٣٧) : ١٠٣.
(٢) الصافات (٣٧) : ١٠٤ ـ ١٠٥.