الابتلاءات ، بحيث لم يصدر منه حتى ما يسمّى بترك الأولى الذي وقع فيه عدد من الأنبياء والرسل ، بعد كلّ ذلك استحقّ إبراهيم عليهالسلام مقام الإمامة ، وهي المرتبة الأرقى كما أسلفنا.
كما يدلّ على أنّ منصب الإمامة جاء بعد كلّ تلك المناصب ( وخاصّة النبوّة ) ، هو طلب إبراهيم عليهالسلام الإمامة لذريّته إذ قال : ( وَمِن ذُرِّيَّتِي ) فقوله هذا لا يخلو من احتمالين :
الأوّل : أنّه كان له ذريّة بين يديه عندما جُعل إماماً.
الثاني : أنّه كان يعلم أنّه سيكون له ذريّة فيما بعد.
وكلا الأمرين ـ الاحتمالين ـ حدثا في آخر حياته ، أي في كبره ، حيث يقول تعالى حاكياً مفاجأته بنبأ الذريّة : ( وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ ) (١).
كما يقول سبحانه في آية أُخرى : ( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ) (٢).
__________________
(١) الحجر (١٥) : ٥١ ـ ٥٤.
(٢) هود (١١) : ٧١ ـ ٧٣.