فأمر المأمون أبا
جعفر عليهالسلام
أن يدخل بأم الفضل من فوره بعد أن هُيّئت له دار أحمد بن يوسف ـ من أعوان المأمون ـ التي علىٰ شاطئ دجلة ، فأقام بها مدة لا تقلّ عن تسعة أشهر ، فلما كان أيام الحج ، خرج بأهله وعياله حتىٰ
أتىٰ مكة ، ثم منزله بالمدينة ، فأقام بها (١). كما أن قرائن أخرىٰ تشير
إلىٰ أن هناك مشكلة زوجية كانت قائمة بين الإمام وزوجه أم الفضل ، كان المأمون ـ علىٰ ما يبدو ـ قد وعد ابنته الشابة المراهقة علىٰ حلّها ؛ لكثرة ما كانت تكتب من رسائل إلىٰ أبيها شارحة
فيها حظها العاثر (٢)
، وتفضيل الجواري والسراري عليها ، بل وكانت تدعو علىٰ أبيها علىٰ هذا الزواج غير الموفّق (٣)
؛ لأنّها حسب الظاهر لم تكن تصلح لأن تكون حليلة للإمام عليهالسلام
وأُمّاً لأولاده ، وهي كذلك بالفعل. فقد لمس البيت المأموني الوضع الكئيب
لابنتهم ، وأصبح الأمر يقلقهم كثيراً ، بل إنّ المأمون ما زوّج ابنته من أبي جعفر عليهالسلام
إلّا ليستولدها منه ، ويكون جدّاً لأحد أبناء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
مما يقوّي مركزه السياسي في الحكم ، كما صرّح هو بذلك حين أفصح عن أحد الدواعي التي دفعته إلىٰ هذا التزويج ، وهو السياسي المحنّك الذي ينظر إلىٰ مدىً أبعد مما ينظره غيره ، فقال : ( إنّي أحببت أن أكون جدّاً لامرئ ولَدَه رسول الله ، وعليّ بن أبي طالب ) (٤)
؛ ولهذا السبب وحده كان هذا الاستدعاء المفاجئ والعاجل ، ________________ ١)
تاريخ الطبري ٨ : ٦٢٣. ٢)
راجع : الارشاد ٢ : ٢٨٨. ومناقب آل أبي طالب ٤ : ٣٨٢. والفصول المهمة : ٢٧٠. وبحار
الأنوار ٥٠ : ٧٩ / ٥. ٣)
مشارق أنوار اليقين / الحافظ البرسي : ٩٨. ٤)
تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٥٤ ، الطبعة السادسة ـ دار صادر ـ بيروت ١٤١٥ ه.