وتتسارع أنباء الثورة إلىٰ بغداد
عاصمة الخلافة ، فيجهّز المأمون جيشاً كثيفاً بقيادة دينار بن عبدالله ، ويرسله إلىٰ اليمن لمساعدة واليه المفوّض هناك علىٰ تهامة اليمن محمد بن إبراهيم بن عبيدالله بن زياد ابن أبيه ، وعاصمته زبيد ، لقمع الثورة ، وكتب مع قائد الجيش كتاب أمان إلىٰ عبدالرحمن. وما أن وصلت طلائع الجيش إلىٰ مشارف اليمن ، وعلم عبدالرحمن أن لا قبل له بها ، وكان قد قُرئ عليه كتاب الأمان ، عندئذٍ لم يجد بداً من تسليم نفسه علىٰ شرط الكتاب فقُبض عليه وأُرسل إلىٰ بغداد ، فغضب المأمون بسببه علىٰ الطالبيين ومنعهم من الدخول إلىٰ مجلسه ، ثم أجبرهم علىٰ لبس السواد العباسي بدل الخضرة الطالبية (١). وكان محمد بن إبراهيم الزِّياديّ من أشد
الناس بغضاً لعلي بن أبي طالب وأهل بيته عليهمالسلام
؛ لهذا لا يبعد أن يكون الرجل كجدّه لغير رشده (٢).
فاستعان هذا بالجيش في تقوية مركزه ، فأوقع بالعلويين وأنصارهم وقتل شيعتهم وفرّق جمعهم ، وبدّد أوصالهم ، واجتاح مناطق تواجدهم ، وأخذ يوسّع منطقة نفوذه حتىٰ تم له الاستيلاء علىٰ أغلب البلاد اليمنية (٣). ________________ ١٤٠٩
ه. ١)
تاريخ الطبري ٧ : ١٦٨ حوادث سنة ( ٢٠٧ ه ) طبعة القاهرة ١٣٥٨ ه. والكامل في
التاريخ : ٥ : ٤٦٨ الطبعة الثانية ١٤١٥ ه ، تحقيق محمد يوسف الدقاق. ٢)
أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢ : ٢٨٧ الطبعة المحققة ، بسنده عن مالك بن أنس ، عن
ابن أبي الزناد قوله : ( قالت الأنصار : إن كنا لنعرف الرجل إلىٰ غير أبيه ببغضه
عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ). وراجع
: فرائد السمطين / الجويني الشافعي ١ : ٣٦٥ / ٢٩٣ فقد أخرجه بطريقة عن مالك بن أنس
، عن ابن أبي الزناد أيضاً ، وراجع أيضاً ما أخرجه في ١ : ١٣٤ / ٩٧ عن الزهري عن
أنس بن مالك منه أنه لا يبغض علياً من قريش إلّا سفحيّ ، ولا من العرب إلّا دعيّ ، ولا من سائر
الناس إلّا شقيّ. ٣)
راجع : تاريخ ابن خلدون ٤ : ١٤٨ ، ٢١٧. وطبقات سلاطين الإسلام / استانلي لين بول :
٨٦ ـ ٨٨