الحلقة العاشرة
شيّعتني البسملة
من بين الحضور ، شابٌ في مقتبل العمر يتّقد إيماناً وحيوية ، بدأ حياته مع أخيه في التجارة ، وكان في ذلك مجالا للتعرف على مختلف طبقات الناس أفكاراً وسلوكاً ، جاء دوره في الكلام ، ورغم شدّة حيائه ، وعدم تعوّده على الحديث ، وسط مجموعة كبيرة من الناس ، إلّا أنّه تماسك متحدّياً الحرج الذي بدا على ملامح وجهه.
يقول زهير : لم أكن مُدركاً قيمة البسملة إلّا بعد أن قرأت روايات عظيمة في فضلها منها ما ورد عن ابن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر ، فليقرأ « بسم الله الرحمٰن الرحيم فإنّ فيها تسعة عشر حرفاً ، ليجعل الله له بكلّ حرف منها جُنّة من كل واحد » (١).
ومع إدراكي لقيمتها وفضلها ، لم أفهم السبب الذي دعا ما يُسمّى بأهل السُنّة والجماعة إلى ترك البسملة ، وعدم قراءتها في صلواتهم المفروضة ، والتمادي في الإصرار على ذلك التعامل.
آية بتلك القيمة والعظمة والمكانة ، تعزف عنها شريحة كبرى من المسلمين ، ويتجنّبها من يتجنّبها منهم ، ويتنفّر منها من يتنفّر ، وزاد في حيرتي عثوري على نصوص من الخط الذي كنت فيه تقول :
« سئل أنس كيف كانت قراءة النبي صلىاللهعليهوآله ؟ فقال كانت مدّاً ، ثمّ قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) يمدّ ببسم الله ويمدّ بالرحمن ويمدّ بالرحيم » (٢).
_________________
(١) تفسير الثعلبي ١ : ٩١ ، وانظر الدر المنثور ١ : ٣٠.
(٢) صحيح البخاري ٦ : ١١٢.