مقدّمة المؤلّف :
حوار حول أسباب تشيّع هؤلاء
التقيت بهم على غير موعد ، فقد كانوا تعوّدوا على الالتقاء في مكان واحد ، يتحسّسون فيه الأُلفة والأُنس ، وتبادل الراي ، وتمتين رابطة الإخوّة ، وأواصر الصداقة ، في عصر قلّت فيه الإخوّة وهجرت الصداقة قلوب أغلب الناس ، وانعدم الشعور بالراحة والأُنس والطمأنينة اتجاه الآخر ، ولم يعد للرأي والمشورة نصيب ، حتّى الدين الذي له من القداسة والخشية في القلوب ، لقي من العنت والتطاول ما جعل الجرأة عليه أكثر من أيّ شي آخر ، وقد كان للحكّام العرب على مرّ التاريخ دور كبير في إضعافه ، وتحريف بعض أحكامه وتعطيل البعض الآخر ، وكان الناس في ذلك تبعاً لهم ، إلّا قليلاً من المؤمنين ; لأنّ أغلبية البشر عبيد الدنيا ، وقد قيل : يؤخذ بالسلطان ما لا يؤخذ بالقرآن ، والناس على دين ملوكهم.
إذاً في عصر طغى فيه الاستبداد ، وعمّت الأنانية حتّى ذهبت بفلسفة الخلق وطبيعة النشأة ، فلم يعد يعني لوجود الإنسان الذي كرّمه الله تعالى ، وفضّله على سائر مخلوقاته غير المظاهر المادية ، وعلامات الترف والاستعلاء على الآخرين.
وسط تلك الأجواء كان اللقاء .. وكان
التعارف ، من أجل إحياء الروح الإيمانية التي تكاد تتلاشى من مجتمعاتنا الإسلامية ، ومن أجل صياغة الفرد المؤمن ، وبناء علاقة أساسها الحبّ في الله تعالى والبغض في الله ، وما الدين في جوهره وحقيقته إلّا تولّياً وتبرّياً ، ولم توجد على مرّ تاريخ البشريّة نماذج كثيرة من
هذه