الحلقة الثانية عشر
مودّة قربى النبيّ صلىاللهعليهوآله عند الشيعة هي التي شيّعتني
بشير ، هو واحد من الأصدقاء الذين عرفتهم كثيراً ، وتوطدت علاقتي به بعد تجربة أكدّت أنّه من طينة الأخلّاء الذين يندر وجودهم ، كان يتابع المتدخّلين في الجلسة بنظراته المتقدة بريقاً والدالّة على نباهة وبصيرة قلّما يتحلى بها الكثيرون من الناس ، كان يريد أن يسمع أكثر من أن يتكلم ، تابع باهتمام بالغ إفادات الحاضرين ، وكان يودَّ أنْ يكون آخر المتكلمين ، وإفادته خاتمة الإفادات ـ كذلك أسرّ إليّ قبل مجيئه إلى الجلسة ـ لكنّني فاجأته بإعطائه الكلمة ، طلباً لأولوية السبب الذي دعاه إلى التشيّع ، فلم يمانع من ذلك.
قال بشير : لم أكنْ ملتفتا إلى المعاني الحقيقيّة لفريضة مودة قربى النبيّ صلىاللهعليهوآله إلّا بعد أنْ وقفت على لزومها من خلال النصوص العديدة التي أشار إليها المولى سبحانه وتعالى في محكم كتابه ، فقال جلّ من قائل : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١) وبيّنها النبيّ صلىاللهعليهوآله عندما نزلت الآية الكريمة ، ردّاً على سؤال وجه إليه من طرف بعض الصحابة : « يا رسول الله ! مَن قرابتك هؤلاء من الذين وجبت علينا مودتهم يا رسول الله ؟ » فقال صلىاللهعليهوآله : « عليّ وفاطمه وابناوهما » (٢). وحث صلىاللهعليهوآله بعد ذلك على تلك المودّة في أكثر من مناسبة ، ولم أتساءل قبل ذلك عن الغاية التي كانت تراد منها تلك المودّة ، فقط كنت أتصور أنّها محبّة مجرّدة ، خالية من المقاصد الحقيقيّة المراد تحقيقها منها. بل لعل المتداول والمعمول به بين
_________________
(١) الشورى : ٢٣.
(٢) المعجم الكبير ، الطبراني ١١ : ٣٥١.