الحلقة السابعة والعشرون
شيّعتني روحيّة أئمة أهل البيت عليهمالسلام
عمار ، شخص من وسط المجتمع التونسي ، شديد التواضع بحيث لم يعرف له ترفّع أو تعال على غيره ، ولعلّ ذلك ناشىء من أصله الذي ينحدر من أهل بيت النبوّة عليهمالسلام ، فلا غرابة من خلق صدر من موضعه ، مع أنّ الاحترام والتقدير الذين حازهما من معاشريه ، لم يتأتّيا من نسبته إلى الأشراف عليهمالسلام ، بل فرضتهما جملة سلوكياته ومحاسن أخلاقه ، تأخّرت نسبته إلى الطاهرين عليهمالسلام فكراً وعقيدة بعد أنْ تقدّمت نسبته إليهم نسباً ، ومردّ ذلك إلى عصور امتلأت بالقمع والإبادة ، لأهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم رضوان الله تعالى عليهم ، والتي لم يسلم منها حتّى من جهل حاله ، فلم ينجُ من الفتك والقتل الذريع ، إلّا القليل ممّن لاذ بالصحارى النائية ، أو الجبال الوعرة التي لا يستطيع طلب بلوغها ، لاستبعاد بلوغ الفارّين إليها.
لم يكن في بداية تدينه يأبه لمذهب من المذاهب ; لذلك لم يخالطه تعصّب مريض ، فلم يستند إلى فئة أو طائفة من الطوائف السنيّة الأربعة ، ممّا سهّل عليه اعتناق إسلام التشيّع لأهل البيت عليهمالسلام ، واعترافه بأحقيّتهم ، وإقراره بإمامتهم بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، خصوصاً بعد اطلاعه على بعض الجوانب العملية التي دأب الطاهرون على القيام بها طاعة لخالقهم ، وتحقيقاً لعبوديتهم الحقيقيّة له.
دعوته إلى جلستنا ، فلبّى الدعوة ، وجاء إلى المكان المحدّد ; ليقول كلمة قد يكون لها الأثر في استنقاذ نفس تريد الهداية إلى الحقّ ، والحقّ أحقّ أنْ يتّبع ، فلمّا جاء دوره أفاد قائلا :
كنت في أواسط الثمانينات من الذين
تحمّسوا للدين الإسلامي على الرغم من