المرحلة التي مرّ بها هذا الكيان الناشىء من بين معتقدات جاهليّة ، ضاربة جذورها في عمق المتدينين الجدد ، وتحتاج إلى وقت لتغييرها وإحلال بدائل إسلاميّة مكانها ، وتحتّمه تواجد قوّتين معاديتين تترّبصان بالدين الجديد وتريدان الخلاص منه ; لأنّه يشكّل تهديداً مباشراً لها ، مضافاً إلى الأكثر خطراً منهما ، وهو حزب المنافقين الذي أسّسه الطلقاء ، ودخلوا في الدين من خلاله ; ليسيئوا إليه ويقوّضوا أركانه بالكذب والدعاية والبهتان ، فكلّ تلك المخاطر تستوجب عدم ترك الدين الجديد والأمّة بلا راع بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله.
والاعتقاد بحتميّة تعيين من يحكم المسلمين بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أملتها المعطيات التي وفقت إلى الوقوف عليها ، وشواهد تاريخية قالت بأنّ التعيين كان سائداً فيمن يتولى زمام الأمور بعد عصر الأنبياء عليهمالسلام.
كما أنّ في قوله تعالى : ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ) (١) دليل على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ليس له حقّ في التصرّف من تلقاء نفسه ، بل هو في إطار دوره ، ليس إلّا مبلغا عن الله تعالى ، فكيف يكون للناس ما لا يكون للنبيّ صلىاللهعليهوآله في مسألة حسّاسة كالحكومة الإسلاميّة.
وبذلك عرفت أحقيّة أهل البيت عليهمالسلام في قيادة الأمّة الإسلاميّة ، واقتنعت بأنّ تكالب أعداء الدين من أجل إحلال الصحابة محلّ هؤلاء الأطهار ، كان مؤامرة خسيسة دُبّرت من أجل صرف الناس عن أبواب الهدى التي أمر الله سبحانه وتعالى بإتيانها ، وأخذ الدين منها ، فلم أتردّد لحظة في موالاة العترة الطاهرة ، فاتّخذتهم أولياء في الدنيا والآخرة والحمد لله ربّ العالمين.
_________________
(١) آل عمران : ١٢٨.