الحلقة الثامنة
شيّعتني آية الوضوء
حمد أحد الأصدقاء القدامى ، الذين تربطني بهم أواصر أخوّة وصداقة ، لا يعلم قدرها إلا الله سبحانه وتعالى ، تعرّفت عليه هو أيضا في العمل ، فكان بالنسبة لي ، الإنسان الذي يستطيع المرء أنْ يفضي إليه بمكنون سرّه ، دون أنْ يخشى شيئاً ، صراحته التامة زادت في تفرّد شخصيته ، وثقته بنفسه رفعته بين المحيطين به ، فزادته احتراما وتقديراً ، كان على الموعد معنا ، وأراد أنْ يدلي بشهادته عن تشيّعه ، ويتحدّث عن السبب الذي دفعه إلى ترك مذهب أسرته ومجتمعه ، والانتقال منه إلى خطٍّ آخر وفكر آخر ، فقال :
منذ نعومة أظافري ، كنت مغرماً بمشاهدة صورة أمير المؤمنين عليهالسلام المعلّقة في بيتنا ، تلك الصورة التي انتشرت في عدد من بيوت القرية ، والتي ظهر فيها فارسان قد أهوى الأوّل بسيف ذو ذبابتين على الفارس الثاني فقدّه نصفين ، كتب على الأوّل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام والثاني رأس الغول ، كناية عن عمرو بن ود. وعلى الرغم من أنّ الصورة لا تتميز بالدقّة والإتقان في التصوير ، إلّا أنّها كانت تمثّل رمزاً إسلاميّاً ، وقمّة من قمم البطولة ظلّ باقياً على مدى قرون عديدة ، متحديّاً كافة الأساليب التي واجهته لمحو آثاره.
كان والدي وخالي من خريجي الزيتونة ،
وقد درسا المذهب المالكي باعتباره المذهب الوحيد المتداول في البلاد ، وتحت إشراف ورعاية وعناية سلطة الباي ، الذي يعتبر نائب الخليفة العثماني ، حتّى أواخر عهد الاستعمار الفرنسي ، وكنت تبعاً لذلك الانتماء متعبداً وفق التربية والتعليم الذي تلقيته من والدي ، تابعاً
له في