الحلقة الخامسة والعشرون
وسطية الشيعة ، ودعوتهم إلى الوحدة الإسلامية ، والعمل من أجلها ، هما عوامل تشيّعي
مصطفى ، صديق لم أعرفه إلّا حديثاً ، التقيت به عن طريق الصدفة ، وقدّموه إليّ على أساس أنّه قد تشيّع ، وبطريقة التأمّل والمقارنة والاستدلال ، فأعجبت بشخصه ، وأكبرت عقله النادر ، وسط عقول تعوّدت على إيكال تمييز الأشياء إلى غيرها ، وقرّرت متابعة خطواته الأولى من التشيّع بمحاورته وإعطائه ما يحتاج من معلومات تخصّ الشيعة الاماميّة الاثني عشريّة ، وعندما قررت أنّ أجمع إفادات الإخوة المستبصرين ، وجّهت إليه دعوة لحضور جلسة الإفادة ، فحضر وقال :
كنت من المنتسبين إلى أحد الأحزاب الاسلاميّة في أواسط الثمانينات ، وكان أوّل ما أُلقي إلينا من فكر متّصل بذلك الحزب المصطلحات التي كان عناصر ذلك الحزب يحفظونها عن ظهر قلب ، ويطرحونها على غيرهم في شكل أسئلة مفحمة ، لا يستطيع المسؤول عنها ردّاً ، ولا يجد لها جواباً ، وكانت تلك المصطلحات حافزاً للمنتسبين الجدد إلى هذا الحزب ، على مواجهة الإسلاميين عموماً ، إظهاراً لقوّة الحزب ، وتمكّن أفراده من أسس الدين الإسلاميّ.
ولم يكن ذلك التصرّف من طرف تلك القواعد
، نابعاً من اجتهادات أولئك الأفراد ، بل كانوا مدفوعين بكلّ قوّة من قيادات الحزب نفسه ، لما لمسوه من هشاشة في ثقافة القواعد الإسلاميّة عموماً ، وعاملاً يمكّنهم من استمالة أعداد منهم إلى حزبهم ونظريتهم. إلّا أنّ المسلم الواعي ، سرعان ما يكتشف أنّ دعوة إلى إقامة حكم الله في الأرض ، ليست نابعة من فهم حقيقيٍّ للأحكام نفسها ، ولا