الحلقة الثانية والعشرون
فوجئت بحقيقة الشيعة والتشيّع .. فتشيّعت
بشير ، أخ في الله عرفته حديثاً ، ورغم حداثة العهد تلك ، فإنّه قد أخذ مكاناً كبيراً في قلبي ، لما لمسته منه من رفعة وعزّة ورجولة ، ما لفت نظري في شخصه ، أنّه كان سريع المبادرة ، كثير التفكّر في أمر الله تعالى ، قليل الاهتمام بالمسائل الدنيوية الزائلة ، يهتمّ ويغتمّ إذا ضيّع أمراً من دينه ، ولا يأبه ولا يبالي إذا ضاع منه أمر من أمور الدنيا ، كان يحزن إلى حدّ البكاء إذا ضيّع شيئاً في جنب الله تعالى ، وكان يضحك إذا ضيّع فرصة دنيوية ، كان ممّا قرّبني له أنّني سمعت بتشيّعه لأهل البيت عليهمالسلام ، وقد حكى لي قصته ، ولمّا عرضت لي الفكرة في جمع إفادات المستبصرين ، دعوته ليدلي بشهادته ، فجاء رغم بعد المسافة ، وكان حاضراً معنا في الجلسة ، ولما جاء دوره قال :
لم يكن في حسابي أنْ أدرس التشيّع في يوم من الأيّام ، ولا أن ألتفت إلى كنهه ومعناه الحقيقيين ، فقد قرأت عنه من الزاوية المذهبيّة ، وتعرفت على وجهه المشوّه ، والذي كنت معتقداً أنّه وجهه الحقيقي ، من خلال كتب مناهضة ومعادية له ، ككتاب ضحى الإسلام لأحمد أمين المصري ، ومنهاج السنّة لابن تيمية ، وكتب أخرى ، امتداداً لحركة القصّاصين ووعاظ السلاطين من عبدة الدنيا ، وامتداداً للأيدي القذرة التي حرّفت وشوّهت كلّ جميل في التراث الإسلامي ، وهي لا تزال تعمل للحيلولة دون معرفة المسلمين لحقائق دينهم ، وما يترتب عليها من فهم ووعي بالواقع المرير الذي عاشه أجدادهم ، ويعيشون فيه هم أيضا إلى الآن.