الحلقة الرابعة والعشرون
شيّعني الحسين عليهالسلام
جاء مرافقاً لاحد الإخوة المستبصرين ، لم أكن أعرفه من قبل ، قال عنه مرافقه : إنّه قد استبصر حديثاً ، وعرف حقيقة الإسلام المحمّدي الذي لم تخالطه شائبة من شوائب المستكبرين والمشركين ، وكان ذلك من طريقه ، ثمّ قدّمه : الأخ عماد ، شاب من شباب الإسلام العظيم ، تربّى في أسرة ملتزمة بدينها ، في عصر قلّت فيه الأُسر الملتزمة ، أخذ أبجديات العبادة عن والده ووالدته ، قبل أنْ يبلغ سن التكليف ، فزاده ذلك دفعاً نحو الالتزام الكامل ، تعرف على إسلام أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وبحث في خصوصيّاته وتفاصيله ، فرآه أقرب إلى الوحي والنبيّ صلىاللهعليهوآله من غيره من المذاهب التي تسمّت بأسماء أصحابها ، فالتزم به وباشر تطبيق شعائره وأحكامه ، وأحلّها محلّ الشعائر والأحكام التي كان يطبّقها بطريق التقليد الوراثي ، حدّثته عن فكرة الإدلاء بإفادات المستبصرين ، فرغب في أن يكون ضمن مَنْ سيُدلي بدافع تشيّعه لأئمة أهل البيت عليهمالسلام.
فما كان منّي إلّا أنْ رحبّت بقدومه ، وشكرت له سعيه من أجل إظهار الحقّ ، ثمّ طلبت منه أنْ يدلي بإفادته فقال :
كم يشعر المرء بالغباء والغبن عندما يستفيق من غفوته ، ويخرج من غفلته ، وكم تكون ردّة الفعل سريعة ، لطرد كلّ تلك الآثار التي علقت بنفسه ، وأعاقتها ردحاً من الزمن.
فيما مضى من عمري ، كنت من بين ملايين
المسلمين الذين دخلوا الدين من بوّابة التقليد المجرّد من العلم والمعرفة ، ومع أنّني انتهجت بعد نضجي وإدراكي