لبعض التكاليف الواجبة عليّ ، منهج الإسلام الشمولي الذي لا يفصل الدين عن الحياة ، والذي يعتبر أنّ السياسة جزء أساسيّ لا يتجزّأ من الدين الحنيف ، فقد بقيت سالكاً نفس النهج التقليدي للعبادة والفهم ، ومتّبعاً أثر التديّن الذي اكتشفت فيما بعد أنّه من املاءات الأنظمة التي خضعت لها رقاب المسلمين بالجبر والإكراه قرون عديدة ، دون أنْ ألتفت إلى مصدر هذا الفقه ، ولا العصر الذي جاء منه ، وطبيعيّ أن يكون نتاج الظلم تحريفاً لحقيقة الدين وسموّ معانيه ، ووضوح أحكامه ; لأنّ طبيعة الانحراف لا تولّد إلّا انحرافا مثله.
لم أسمع أو أقرأ عن المسلمين الشيعة إلّا كلّ منكر وسوء ، فقد كان منطق التكفير هو السائد حيال تلك الفرقة ، من جانب الخطّ الذي كنت منتسباً إليه ، والمعروف بالخطّ السنّي ، استناداً إلى جملة من التهم التي ألصقت بواجهة تلك الطائفة ; لذلك لم أكلّف نفسي عناء البحث عنهم ، ولا تبادر إلى ذهني ، ولا خالطني شعور أو إحساس بالسؤال عنهم والاهتمام بهم ، حتّى الثورة الإسلاميّة في إيران ، لم تكن عندي بالمقدار والأهميّة التي كان يجب أن تكون عليه ، وقد استغلّ الاستكبار العالمي هذه الفجوة ليعمّق الشرخ ، ويباعد بين عموم المسلمين وبين تلك النهضة المباركة ; تأصيلاً منه لروح العداء والضغينة التي أسّسها المتسلطون الأوائل على رقاب المسلمين ، فالشيعة في محصّلة الفكر السنّى ، كفار مارقون ، وروافض حلّت دماؤهم وأموالهم وأعراضهم ، واستمرّ اعتقادي في الشيعة بتلك القناعة ، إلى أنْ جاء يوم شاهدت فيه بالصدفة مراسم عاشوراء التي دأبوا على إحيائها ، من خلال قناة تلفزيونية فرنسيّة ، فشكّلت مشاهدتي لتلك المظاهر صدمة نفسية ، كان لها الأثر الكبير في تحوّلي من الخطّ الوراثي الذي كنت أسلكه ، إلى الخط المعرفي الذي استبدلته به.
فنهضة الإمام الحسين عليهالسلام ، وثورته المباركة ،
وشهادته العظيمة ، وتضحيته من