أجل الإسلام ، لم تكن تعني شيئاً عند أتباع خطّ الإسلام السنّي الأشعري ، الذي اعتمده أغلب حكّام المسلمين ، الذين لا يحبّذون الثورات والثوار بطبعهم ، ويرون فيها وسائل لهدم أنظمتهم ، وتقويض أسسها المبنيّة على الظلم والتعدّي والاستكبار. دفعتني صدمة تلك المشاهد إلى الاستغراب والسؤال : لقد تعوّد مجتمعنا على الاحتفال بيوم عاشوراء ، على أساس أنّه يوم مبارك يفرح فيه المسلمون ، ويطبخون فيه الحبوب ، ويظهرون فيه الزينة ، والتوسعة على العيال ، ويصومون ذلك اليوم قربة إلى الله ، فإنّهم قد بنوا صيامه على مقالة منسوبة لليهود تقول : إنّ عاشوراء يوم أنجى الله فيه موسى من فرعون ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله لأصحابه : « أنتم أحقّ بموسى منهم ، فصوموا » (١) ، ووجدت خبرين أخرين يقولان مع اختلاف في أسماء الأنبياء بينهما ، بأنّه اليوم الذي أنجى فيه الله سبحانه وتعالى عشرة أنبياء (٢) ، فلماذا يكون يوم العاشر من المحرّم عندنا يوم فرح وسرور ، ويكون عند الشيعة يوم حزن وبكاء وسواد ؟ أين تكمن الحقيقة يا ترى ؟
هالني وأنا أتابع باهتمام كبير مراسم الحزن والعزاء التي يقيمها المسلمون الشيعة على الإمام الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء ، ووجدت نفسي أتساءل عن معنى تلك المراسم وحقيقتها.
ورغم حصول تلك الرجّة ، لم استطع أنْ أتبيّن حقيقة الإمام الحسين عليهالسلام ويومه العظيم ، إلّا بعد أنْ التقيت بأحد أفراد الشيعة في المدينة التي أعيش فيها ، رأيت أنْ أسأله عن تلك المظاهر التي تراءت لي غريبة في بعض تفاصيلها.
قلت له : لماذا يفرح المسلمون السنّة يوم عاشوراء ويفرح اليهود فيه أيضاً ، ومقابل ذلك نجد الشيعة يكثرون من مظاهر الحزن فيه ؟
_________________
(١) صحيح البخاري ٥ : ٢١٢.
(٢) انظر على سبيل المثال تاريخ دمشق ٦٢ : ٢٦٤ ، مواهب الجليل للحطّاب الرعيني ٣ : ٣١٤.