فصلَّوا معه ، فأصبح الناس فتحدَّثوا ، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلَّىٰ فصلَّوا بصلاته ، فلمَّا كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله (١).
التساؤل الذي نطرحه هو أين هذا الاقتداء والحبُّ عندما قال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ائتوني بكتف ودواة » ؟ فانَّ من الغريب جدَّاً أن يختلف القوم في أمرٍ يطلبه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم.
هناك روايات كثيرة تنقل أنَّ القوم ( اختلفوا ) أو ( تنازعوا ) فبعض يقول : قرِّبوا للنبيِّ الكتف والدواة ، والبعض الآخر يقول ما قاله عمر.
وحَذفُ هذا الجزء من الواقعة لا يخلو من تهميش وتخفيف لوقعها ، لكي لا تضطرب الأجيال للحدث فتتناوله بالبحث والتدقيق والتفسير ، ولكن ماذا نعمل لناقلي الواقعة بتمامها وبلا رتوش ، إنَّهم هم الذين دفعونا إلىٰ أن نقول في التأريخ وفي الشخصيات كلَّ هذا القول الجارح.
إذ يظهر من تفاصيل هذه الحادثة أنَّ الاختلاف الذي نحن فيه الآن ، كان قد حدث والرسول لا يزال حيَّاً يرىٰ ويسمع ، فهم تنازعوا واختلفوا منذ ذلك الحين.
ولنسأل : هل لهم الحقُّ في ذلك وهم الصحابة الأجلأَء المقرَّبون : والذين لا يُشكُّ في إخلاصهم لعقيدتهم وإسلامهم ؟! وسمعنا أنَّ من الصحابة من بُشِّر بالجنَّة ! وأنهم كالنجوم ! فإذا اختلف الصحابة وهم علىٰ ما هم عليه من الإيمان والرفعة والسمو ، فما الضير في أن نختلف نحن أيضاً ، وما الداعي إلىٰ نداءات الوحدة والأُلفة بين مذاهب
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ : ٥٨ ـ باب فضل من قام رمضان ، صحيح مسلم ٦ : ٤١ أي : فصلّوا النوافل كما صلّى اقتداءً وتأسّياً به.