عليه ، باغٍ للفرقة والخلاف والنزاع.
فإن قلنا : إنَّ الذين قالوا : « قدِّموا لرسول الله الكتف والدواة ... » علىٰ باطل ، اتَّهمنا رسولنا بالباطل ، ورفضنا رسالته وشريعته وكلَّ ما جاء به من السماء.
وحيث إنَّنا لم نقرأ في القرآن الكريم ما يدلُّ علىٰ جواز عصيان النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومخالفته ، بل ما وجدناه دعوة صريحة لطاعته والانقياد لأمره وعدم التفرقة بينه وبين أمر الله سبحانه وتعالىٰ ... ولم نجد آية من الله العليم الحكيم تحدِّثنا عن احتمال هذيان النبيِّ وتأمرنا بعدم طاعته إذا هجر وهذىٰ.
فهؤلاء الذين قالوا « قرِّبوا للنبيِّ ... » اعتقدوا بالنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما هو موصوف في القرآن ، وكما هو فعلاً كإنسان يعيش بينهم بفضائله وسماته ونفسه الكبيرة ، كما أنَّهم لم يعبأوا بالملاحظة التي أخبر عنها عمر ، بل لم يلحظوا ما وصفه عمر على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث إنَّ لهم نفس النصيب في الملاحظة والحكم ، فرأوا أنَّ ذلك تحاملاً منه ، وأصرُّوا علىٰ تقديم الكتف والدواة.
أمَّا القسم الآخر فقد اعتقد ما اعتقده عمر من هذيان النبيِّ فقالوا ما قاله ، وهنا لابدَّ من وقفة مع موقف هؤلاء ، وبحث السبب الذي دعاهم إلىٰ ذلك ، فهناك احتمالات لهذا الأمر :
الأوَّل : إنَّهم فعلاً لاحظوا ما لاحظه عمر ، فحرصوا أن لا تضيع الرسالة هباءً لنزوة مريض لا يدري ما يريد ، وحاشا رسول الله من ذلك.
الثاني : إنَّ شخصية عمر كانت من القوَّة بحيث دفعتهم لتأييده ،