والوصية في تاريخ النبوات يرتفع فيها الوصي إلىٰ مستوى المهمّة الملقاة علىٰ عاتقه في خلافة النبوة والزعامة علىٰ جميع مَن تشمله دعوة تلك النبوة ، ومن هنا فإنّ الوصي لابدّ أن يمتلك مؤهّلات خاصّة ومزايا ليست في غيره من سائر الناس تؤهّله لتسنّم منصب الخلافة ونيل شرف الوصاية ، ولا يكون ذلك إلاّ علىٰ ضوء الاصطفاء الإلهي للوصي المقترن بالإعداد النبوي ، ليكون وريثاً للعلم النبوي وقائداً رسالياً يقوم بأعباء استكمال المسيرة النبوية في قيادة الأُمة.
وفي تراثنا الإسلامي حفلت كتب الحديث والتاريخ والأدب بمزيد من الأدلّة والشواهد التي تؤكّد وصيّة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أمير المؤمنين علي عليهالسلام بالخلافة في مناسبات عديدة ، استناداً إلىٰ مبدأ الاصطفاء الإلهي والمؤهلات الذاتية لعلي عليهالسلام التي جعلته أجدر الناس للنهوض بهذه المهمّة فضلاً عن السابقة والفضل والقرابة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ وصيي ووارثي ، يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب ».
وأصبح لقب الوصي واحداً من أشهر ألقاب علي عليهالسلام في صدر الإسلام ، ولشهرته فقد ثبت في معاجم اللغة وجاء كثيراً على لسان الرعيل الأول من شعراء الصحابة والتابعين.
وفي آخر حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يثبت تلك الوصية بعهدٍ معهود وكتاب مشهود ، فدعا بصحيفة ودواة ليكتب لأصحابه كتاباً لا يضلُّون بعده ، فوقع النزاع واللغط ، ومُنِعت الوصية ، فكانت « الرزيّة » التي أبكت ابن عباس حتّىٰ بلَّ دمعه الحصىٰ ، ودفعت الأمة الإسلامية ثمنها باهظاً حتّىٰ يوم الناس هذا ..