الذي هو رواية مسعدة المتضمّنة لعدم الضمان في مطلق العارية ، والقدر المتيقّن هو تقييدها بخصوص الدراهم والدنانير ، وبعد تقييدها بذلك يكون حالها حال الجزء السلبي في رواية الدراهم والدنانير ، وتنقلب النسبة بينها وبين الجزء الايجابي من رواية الذهب والفضّة من العموم المطلق إلى العموم من وجه ، هذا.
ولكنّك قد عرفت الإشكال في ذلك فيما تقدّم (١) ، ولو تمّ ذلك لجرى في كلّ خاصين يكون أحدهما أخصّ من الآخر ، وهما معاً في قبال العام ، مثل قوله : أكرم العلماء ، ثمّ يقول : لا تكرم النحويين ، ثمّ يقول : لا تكرم فسّاق النحويين ، فإنّ خروج فسّاق النحويين من قوله : أكرم العلماء قدر متيقّن ، ولازمه انقلاب النسبة بين العام وبين قوله : لا تكرم النحويين ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.
والحاصل : أنّ لنا حينئذ عمومات مترتّبة : الأوّل قوله : لا ضمان في مطلق العارية. الثاني : الجزء السلبي من رواية الدرهم والدينار وهو قوله : لا ضمان في غير الدرهم والدينار. الثالث : الجزء الايجابي من رواية الذهب والفضّة وهو قوله : في عارية الذهب والفضّة ضمان ، وقد تعارض الأخيران في الحليّ ، وانفرد الثاني في الثياب ، والثالث في الدرهم والدينار ، والمدّعى أنّهما اتّفقا على إخراج الدرهم والدينار من العام الأوّل الفوق ، وقد عرفت ما محصّله أنّ خروج الدرهم والدينار بقوله : في عارية الذهب والفضّة ضمان ، لا أثر له في انقلاب النسبة ، وإلاّ لكان تقديم كلّ خاصّ على عامه موجباً لانقلاب النسبة بينه وبين ذلك العام وهو غير معقول.
وأمّا خروجه بذلك الجزء السلبي من رواية الدرهم والدينار ، أعني قوله : لا ضمان في عارية غير الدرهم والدينار ، فلأنّ صدر هذه الجملة لا يوجب خروج
__________________
(١) في الصفحة : ٧٧.