لكان ينبغي أن يقال : هل مقتضى القاعدة هو التساقط أو التخيير أو لا هذا ولا ذاك ، بل يحكم بصدور كلّ منهما مع التأويل في ظهور أحدهما أو ظهورهما.
وكأنّ القائل بأنّ الجمع مهما أمكن ولو مع التأويل أولى من الطرح ، قد أعرض عن أخبار الترجيح والتخيير ، والتزم باجراء دليل التصديق في كلّ خبر وإلحاقه بمقطوع الصدور ، ثمّ بعد الحكم بصدوره إن نافاه خبر آخر التزمنا بالجمع الدلالي بينهما ولو بنحو من التأويل ، وإن لم يمكن التأويل التزمنا بالإجمال فيهما ، فلا يكون الساقط إلاّ أصالة الظهور في أحدهما أو في كلّ منهما مع الالتزام بالصدور في كلّ منهما.
وعلى كلّ حال ، لا ينبغي إطالة الكلام في توجيه هذا القول وفي إبطاله ، فإنّه قد تقدّم (١) الكلام عليه ، وأنّه لا محصّل لهذه القاعدة أعني قاعدة أنّ الجمع ولو بالتأويل أولى من الطرح ، وأنّه لا محصّل للحكم بالصدور مع سقوط حجّية الظهور بالتأويل أو بالإجمال.
فالأولى صرف الكلام إلى القولين السابقين أعني أنّه هل الأصل هو التساقط أو الأصل هو التخيير؟
والظاهر أنّه لا ريب في سقوط الثاني ، إذ مع قطع النظر عن الروايات لا دليل عليه ، نعم أقصى ما عندنا هو عدم إمكان الجمع في الدخول تحت دليل صدّق العادل ، ولكن حيث كان إجراؤه في أحدهما المعيّن بلا دليل وكان ترجيحاً بلا مرجّح ، كان إجراؤه في هذا مزاحماً ومعارضاً باجرائه في ذلك ، فتكون النتيجة هي التساقط فيما تعارضا ، لكن مع الاحتفاظ بكون أحدهما لا مانع من كونه مشمولاً لدليل الحجّية لو كان هناك أثر يترتّب على حجّية أحدهما ، كما لو اشتركا
__________________
(١) لاحظ الهامش من الصفحة : ٣٥ ، وفوائد الأُصول ٤ : ٧٢٦.