في نفي الثالث ، بأن كان كلّ منهما مؤدّياً إلى خلاف ما يقتضيه الأصل الجاري في نفس المسألة ، إذ يكفي في نفي الأصل المذكور قيام الحجّة في الجملة على خلافه وإن لم يكن لتلك الحجّة أثر في خصوص ما تعارضا فيه ، بخلاف ما لو كان أحدهما مطابقاً لمقتضى الأصل ، فإنّه لا مانع بعد تساقطهما من الرجوع إلى ذلك الأصل.
ومن ذلك يتّضح الوجه في عدم تعارضهما فيما لو اشتركا في لازم واحد ولزوم ترتيب ذلك اللازم ، وإن قلنا بكون الدلالة الالتزامية تابعة للمطابقة وجوداً وحجّيةً ، لما عرفت من حجّية أحدهما في الجملة وإن لم يمكن الحكم بحجّيتهما معاً ، ولعلّ هذا هو مراد المحقّق الخراساني قدسسره في حاشيته على الفرائد (١).
ومن ذلك يظهر أنّه لا فرق في نفيهما الثالث بين كون التعارض بينهما ذاتياً ، أو كونه عارضياً بواسطة الإجماع على عدم لزوم فريضتين في يوم واحد.
ولكن ذلك محلّ تأمّل وإشكال ، إذ المدار في الحجّية على الوصول ، ولا معنى لحجّية إحدى الروايتين ، إذ لا وصول في البين ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : فالأقوى أنّ القاعدة في المتعارضين تقتضي سقوطهما معاً سواء قلنا إنّ التعارض يكون بين الظهورين ، أو قلنا إنّه يكون بين السندين ، أو قلنا إنّه يكون بين سند كلّ منهما وظهور الآخر ، فإنّه على جميع التقادير أدلّة اعتبار السند والظهور لا تعمّ المتعارضين ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ من جملة المرجّحات في الروايات هي المرجّحات السندية ، وبناءً على أنّ التعارض إنّما يكون بين الظهورين أو بين ظهور أحدهما وسند
__________________
(١) حاشية كتاب فرائد الأُصول : ٢٦٥ ـ ٢٦٦.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٧٥٤.