الجاري في الشبهات الحكمية ، فيتوقّف جريانها في حقّ الشخص على تحقّق موضوعها بالقياس إليه وعلمه بحجّيتها ، ولا ريب في أنّ المقلّد العامي فاقد لهذين الأمرين ، فلا معنى لكون الحكم المذكور مشتركاً بينه وبين المجتهد كي يقال إنّه ينوب عنه فيه المجتهد.
والحاصل : أنّ المقلّد العامي لكونه عاجزاً لا يتحقّق في حقّه موضوع الحجّية ، ويكون رجوعه إلى المجتهد في الحكم الفرعي المستنبط من ذلك من باب رجوع الجاهل إلى العالم ، لا أنّه يكون الحكم الأُصولي جارياً في حقّه وأنّ المجتهد ينوب عنه في ذلك.
وثانياً : أنّا لو سلّمنا الاشتراك والنيابة المذكورين ، فلا ريب في أنّ التخيير المذكور إنّما هو وظيفة من يستنبط ، فإذا كان المستنبط هو خصوص المجتهد إمّا لعدم اشتراك المقلّد معه في ذلك الحكم ، وإمّا لأجل أنّه ينوب عنه فيه ، فلا جرم يكون التخيير المذكور مختصّاً بالمجتهد دون المقلّد (١).
قلت : في كون إجراء الأُصول الجارية في الشبهات الموضوعية من وظائف المقلّدين إشكال ، وهو أنّ إجراء تلك الأُصول يتوقّف على البحث عن معارضها وما هو حاكم عليها ، وما هي حاكمة عليه ، إلى غير ذلك من المباحث المشكلة التي يعجز عنها أفضل المجتهدين فضلاً عمّن هو أحد المقلّدين ، كما هو غير خفي على من جاس خلال تلك الديار في مباحث الخلل من الصلاة وغيره من مباحث العلم الاجمالي.
فلابدّ أن نقول : إنّ الذي هو وظيفة العامي هو مجرّد الأخذ بما يفتيه به
__________________
(١) ينبغي مراجعة ما حرّرناه على أوائل الاستصحاب وأنّه من المسائل الأُصولية [ منه قدسسره ].