المجتهد من الكبرى الكلّية ، وأمّا تعيين مورد تلك الكبرى من حيث الجهات المشار إليها فذلك أمر آخر لا يكون إلاّمن وظيفة المجتهد.
وبعبارة أوضح : أنّ وظيفة العامي هي إجراء هذه القواعد في موردها ، وأمّا الدليل على نفس القاعدة مثل قاعدة الفراغ ، وأنّ الاستصحاب محكوم لها ، وأنّ الوظيفة ما هي عند التصادم بين هذه القواعد ، فذلك وظيفة المجتهد ، ويكون العامي مقلّداً له في هذه الجهات كلّها ، ولأجل ذلك تراهم في رسائلهم العملية يذكرون تلك الفروع الموضوعية بخصوصياتها ، ويحكمون فيها بمقتضى ما حصل لهم من تلك التحكيمات والجمع بين هاتيك القواعد وتلك الأُصول المتعارضات ، ويرسمون نفس النتيجة الفتوائية في الرسالة.
وأمّا الأُصول الجارية في الشبهات الحكمية فهي من خصائص العالم المجتهد الذي يطرأه اليقين والشكّ ولو في حكم غيره ممّا لا يجري في حقّ ذلك المجتهد كأحكام الحائض مثلاً ، لكن في مثل البراءة وقاعدة الحل الجاريين في الشبهات الحكمية إشكال ، فإنّ المدار في مثلها على الشكّ وعدم العلم ، فلا يمكن أن يجريها المجتهد إلاّفي أحكام نفسه ، أمّا أحكام غيره فلا ، كما أنّ العامي لا يمكنه إجراؤها ، إذ لا يتحقّق في حقّه شكّ أو علم بالنسبة إلى موارد الشبهات الحكمية.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المجتهد يجريها نيابة عن المقلّد. أو يقال : إنّ المكلّف العامي يصدق عليه الشكّ في ذلك الحكم وعدم العلم به ، باعتبار أنّ من قلّده واعتمد عليه في أخذ أحكامه منه كان عالماً أو كان شاكاً ، فتأمّل.
أو يقال : إنّ العامي شاكّ وجداناً ويصدق عليه أنّه غير عالم بالحكم ، غايته أنّ إجراءه البراءة مثلاً يتوقّف على الفحص عن الدليل وهو عاجز عنه ، فالمجتهد