كتاب الله » (١) وقوله عليهالسلام : « أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا » (٢) إذ ليس هناك بحسب المتعارف إلاّ الاستفادة من ظاهر الكتاب وظاهر كلامهم عليهمالسلام ، مع وضوح أنّ حجّية الظاهر ببناء العرف ليس بمعنى جعل الحكم المماثل حتّى يتحقّق هناك العلم الحقيقي بالحكم الفعلي ، بل بمعنى صحّة المؤاخذة على مخالفته وتنجّز الواقع به الخ (٣).
فإنّك قد عرفت أنّ الحجّية بمعنى مجرّد صحّة المؤاخذة وتنجّز الواقع لا تحقّق العلم بالحكم الواقعي ، كما في الظنّ على الحكومة بمعنى تبعيض الاحتياط ، وكما في موارد الاحتياط العقلي في أطراف العلم الاجمالي وفي موارد الشبهات قبل الفحص ، وكما لو قلنا به عقلاً في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين أو شرعاً في الشبهات البدوية ، فإنّ ذلك كلّه ينجّز الواقع ويصحّح العقوبة على مخالفته ، إلاّ أنّه لا يوجب العلم به ، فلا يكون الرجوع إلى من تحقّقت في حقّه هذه المنجّزات من قبيل الرجوع إلى العالم ، بل هو لا يخرج بتحقّقها في حقّه عن كونه جاهلاً بالحكم.
نعم ، إنّ من قامت عنده الأمارات الشرعية والأُصول الاحرازية ، بل من حصل له الظنّ بناءً على الكشف ، يكون كلّ واحد من هؤلاء عالماً بالحكم الشرعي الواقعي بناءً على جعل العلم أو الاحراز أو الطريقية أو جعل الحجّية ، بل قد عرفت أنّ من حصل له الظنّ بالحكم الشرعي بناءً على الوجه الأوّل من وجهي الحكومة العقلية يمكن دعوى تحقّق كونه عالماً به في نظر العقل.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٦٤ / أبواب الوضوء ب ٣٩ ح ٥.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٧ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٧.
(٣) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٣٦٦.