والسرّ في ذلك هو أنّ المستفاد من أمثال هذه الغايات أنّ الحكم مقيّد بعدمها ، سواء كان وجودها ممكناً فعلاً أو اتّفق أنّه غير ممكن. نعم إنّ الجهة التي تكون دائماً غير ممكنة الحصول لا يصحّ أخذها غاية ، لأنّ أخذ ما لا يمكن حصوله دائماً يكون لغواً ، لكن ذلك لا يوجب انحصار الغاية بما يمكن الحصول دائماً ، بل أقصى ما في البين هو لغوية أخذ ما يمتنع حصوله دائماً ، أمّا ما يكون ممكن الحصول ولكن قد يتّفق عدم إمكان حصوله ، فلا مانع من أخذه غاية للحكم ، فلاحظ.
ولا يخفى أنّ هذه الدعوى ـ أعني كون أخبار التوقّف مختصّة بزمان الحضور استناداً إلى الغاية المذكورة ـ أشار إليها الشيخ في الرسائل ، فإنّه قدسسره بعد فراغه من السببية والطريقية ، وبيان أنّ الحكم على الثاني هو التوقّف لكن الأخبار المستفيضة دلّت على عدم التساقط مع فقد المرجّح ، [ قال : ] وحينئذ فهل يحكم بالتخيير أو العمل بما طابق منهما الاحتياط أو بالاحتياط ولو كان مخالفاً لهما ـ إلى أن قال ـ وأمّا أخبار التوقّف الدالّة على الوجه الثالث من حيث إنّ التوقّف في الفتوى يستلزم الاحتياط في العمل كما فيما لا نصّ فيه ، فهي محمولة على صورة التمكّن من الوصول إلى الإمام عليهالسلام كما يظهر من بعضها ، فيظهر منها أنّ المراد ترك العمل وإرجاء الواقعة إلى لقاء الإمام عليهالسلام لا العمل فيها بالاحتياط (١).
وقال في الأمر الثاني ـ بعد أن ذكر الأخبار الواردة ـ ما هذا لفظه : وأخبار التوقّف على ما عرفت وستعرف محمولة على صورة التمكّن من العلم (٢).
وقال في آخر مبحث التراجيح عند الكلام على كون دليل الحرمة مقدّماً
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ : ٣٩ ـ ٤٠.
(٢) فرائد الأُصول ٤ : ٧٠.