على دليل الوجوب ما هذا لفظه : والحقّ هنا التخيير وإن لم نقل به في الاحتمالين ، لأنّ المستفاد من الروايات الواردة في تعارض الأخبار على وجه لا يرتاب فيه هو لزوم التخيير مع تكافؤ الخبرين وتساويهما من جميع الوجوه التي لها مدخل في رجحان أحد الخبرين ، خصوصاً مع عدم التمكّن من الرجوع إلى الإمام عليهالسلام الذي يحمل عليه أخبار التوقّف والارجاء (١).
لكنّك تراه كغيره قدسسرهم يحمل أخبار التوقّف على صورة التمكّن من لقائه عليهالسلام ، لا أنّ نفس الأخبار المذكورة مقيّدة بذلك ، وأمّا قوله : كما يظهر من بعضها (٢) فكأنّه استظهار محض ، لا أنّه من جهة الغاية وإلاّ فإنّها جميعاً مشتملة على الغاية المذكورة.
نعم ، نقل في الوافي عن الطبرسي قدسسره في الاحتجاج كلاماً مفصّلاً قال فيه : وأمّا قوله عليهالسلام للسائل : « أرجه وقف حتّى تلقى إمامك » أمره بذلك عند تمكّنه من الوصول إلى الإمام عليهالسلام ، فأمّا إذا كان غائباً ولا يتمكّن من الوصول إليه والأصحاب كلّهم مجمعون على الخبرين ولم يكن هناك رجحان لرواة أحدهما على رواة الآخر بالكثرة والعدالة ، كان الحكم بهما من باب التخيير يدلّ على ما قلناه ما روي عن الحسن بن الجهم ، عن الرضا عليهالسلام قال « قلت له : يجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة ، قال : ما جاءك عنّا فاعرضه على كتاب الله عزّوجلّ وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منّا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منّا. قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيّهما الحقّ ، فقال عليهالسلام : إذا لم تعلم فموسع عليك
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ : ١٥٨.
(٢) فرائد الأُصول ٤ : ٤٠.