الأُخرى مع اشتراك الراويين في الفقه والعدالة والورع ، ولو رجع ذلك إلى المقابلة بين السلب والايجاب رجع إلى تمييز الحجّة من عدم الحجّة.
كما أنّك لا تجد مورداً يقول فيه الفقيه إنّ في البين روايتين متعارضتين في الطهارة والنجاسة أو الوجوب والحرمة ، ولا مرجّح لإحدى الروايتين على الأُخرى ، ولكنّي مع ذلك أختار رواية النجاسة أو أختار رواية الحرمة ، فالحكم في هذه المسألة هو النجاسة أو الحكم فيها هو الحرمة ، فلو كان الحكم في باب التعارض بعد فرض التساوي هو التخيير في الفتوى أو الافتاء بالتخيير ، لوقع ذلك من أحد الفقهاء في مورد من الموارد ، ولم أتوفّق على العثور في الفقه على صدور مثل ذلك من أحد من الفقهاء ، فتتبّع لعلّك تعثر عليه.
وقد تعرّض المرحوم المحقّق الرشتي قدسسره لهذا الإشكال فقال : إيقاظ ، هذا البحث الطويل ـ أي بحث التخيير ـ قليل الجدوى ، بل قيل أو يقال إنّه عادمها ، لأنّا لم نجد موضعاً حكموا فيه بالتخيير لتعارض الخبرين ، بل إن قالوا قالوا بالتخيير الواقعي ـ وذكر من أمثلة ذلك ما يذكر في سجود السهو وبعض منزوحات البئر ، إلى أن قال ـ لكن هذا في غير الواجبات لا يتأتّى ، بل لابدّ فيه من التعارض ، ولكن ليس ببالي ما حكموا فيه بالتخيير الظاهري لتعارض الأخبار (١) فراجعه.
نعم ، إنّ كلّ همّهم في موارد التعارض هو إسقاط إحدى الروايتين باعراض المشهور ونحوه ممّا يوجب الوهن فيها وإسقاطها عن الحجّية ، فراجع وتتبّع وتأمّل.
قال في الوسائل بعد أن ذكر رواية سماعة المشتملة على قوله عليهالسلام : « يرجئه
__________________
(١) بدائع الأفكار : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.