يتخيّر بينهما ، فيحكم أو يفتي على طبق الراجح أو المختار أو يتوقّف في ذلك ، كلّ ذلك ممّا يرجع إلى المسألة الأُصولية ، أعني مدرك الحكم أو مدرك الفتوى.
لكن الرواية سؤالاً وكذلك جواباً لا تعرّض لها بالنسبة إلى الحاكمين نفسهما ، وأنّه ماذا يكون تكليفهما ، وإنّما المسؤول [ عنه ] هو تكليف غيرهما ، فعلى تقدير أن يكون في البين ترجيح فإنّما هو في ترجيح ذلك الغير أحد الحكمين على الآخر ، لا في ترجيح إحدى الروايتين على الأُخرى في مقام الافتاء بها أو العمل على طبقها.
وكأنّ شيخنا قدسسره حسبما في التحرير فهم من الإشكال أنّ مراد المستشكل هو أنّ المنظور في الترجيح هو ترجيح الحاكم إحدى الروايتين على الأُخرى ، ولا إشكال في أنّه لا مورد فيه للفتوى بالتخيير ، لعدم انقطاع الخصومة بالفتوى بالتخيير ، وحينئذ يتّجه ما أفاده قدسسره من الجواب بأنّ هذا الإشكال إنّما يتوجّه لو قلنا بأنّ المراد من التخيير هو التخيير في المسألة الفرعية أعني الفتوى بالتخيير ، لأنّ لزوم ترجيح إحدى الروايتين على الأُخرى في مقام الحكم لا ينافي التخيير العملي المذكور ، لأنّه في غير مقام الحكم.
والخلاصة : هي أنّه لو كان التخيير الذي دلّت عليه رواياته هو الفتوى بالتخيير ، فلا يمكن أن يتأتّى للحاكم في مقام الخصومة ، لأنّ فتواه بالتخيير العملي للمتخاصمين لا يرفع الخصومة بينهما ، بل لابدّ له من أن يرجّح إحدى الروايتين على الأُخرى ، وهو ما دلّت عليه المقبولة ، لأنّ الخصومة لا ترتفع إلاّ بترجيح إحدى الروايتين على الأُخرى ، ليتسنّى للحاكم الحكم على طبق الراجح منه.
وهذا هو الذي أفاده في الكفاية بقوله : إنّ رفع الخصومة بالحكومة ـ إلى