قوله ـ لا يكاد يكون إلاّبالترجيح الخ (١) ، وحينئذ يتوجّه عليه إشكال شيخنا قدسسره بأنّ ذلك مبني على كون التخيير الذي دلّت عليه رواياته هو التخيير العملي ، إذ لو قلنا كما تقدّم إنّ التخيير المذكور هو التخيير في المسألة الأُصولية لم تكن الخصومة مانعة منه ، لأنّ الحاكم يختار إحدى الروايتين فيحكم على طبقها ، كما يختارها في مقام الفتوى فيفتي على طبقها.
لكن لا يخفى أنّ صاحب الكفاية لا يقول بكون التخيير عملياً ، بل إنّ نظره هو كونه تخييراً في المسألة الأُصولية كما سيأتي في قوله : ثمّ لا إشكال في الافتاء بما اختاره من الخبرين في عمل نفسه وعمل مقلّديه ، ولا وجه للافتاء بالتخيير في المسألة الفرعية لعدم الدليل عليه (٢).
ولعلّ مراده من قوله هنا : إنّ رفع الخصومة بالحكومة في صورة تعارض الحكمين وتعارض ما استندا إليه من الروايتين لا يكاد يكون إلاّبالترجيح الخ (٣) ، ليس ما عرفت من البناء على كون التخيير الذي دلّت عليه رواياته [ هو التخيير العملي ] لأنّه خلاف مذهبه ، بل مراده أنّ التخيير هو التخيير في المسألة الأُصولية ، ولكن لا يجري في مقام التخاصم تخيير المتخاصمين بين الروايتين أو بين الحكمين ، لأنّ كلاً منهما يختار ما يوافقه ، فلابدّ حينئذ من الترجيح ، هذا.
ولكن لا يخفى أنّه لا محصّل لتخيير المتخاصمين بين الروايتين تخييراً أُصولياً ، وإنّما ذلك للحاكم لا لهما ، وقد عرفت [ أنّه ] لا مانع من تخيير الحاكم تخييراً أُصولياً بأن يختار إحداهما فيحكم على طبقها.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٤٣.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٤٦.
(٣) كفاية الأُصول : ٤٤٣.