ثمّ لا يخفى أنّ مرفوعة العوالي (١) ليست في مقام الخصومة ، فلا وجه لقوله : لقوّة احتمال اختصاص الترجيح بها بمورد الحكومة لرفع المنازعة وفصل الخصومة كما هو موردهما الخ (٢) ، إلاّ أن يقال : إنّ الصحيح موردها ، ولكن أخطأ الناسخ فعبّر بموردهما ، فلاحظ.
ثمّ لا يخفى أنّا قد أنكرنا دلالة الأخبار على التخيير ، إمّا لتحكيم رواية العيون (٣) ، وإمّا لدعوى كون المراد من التوسعة هو التوسعة من ناحية الخبرين ، وهو عين الارجاء والتوقّف والتساقط ، ومع ذلك لابدّ لنا من التكلّم على المقبولة من حيث لزوم الترجيح في قبال أصالة التساقط ، أو في قبال أخبار التوسعة الدالّة على التساقط ، وقد عرفت أنّ صدر المقبولة ليس في مقام ترجيح إحدى الروايتين ، بل في ترجيح أحد الحكمين على الآخر أو إحدى الفتويين على الأُخرى ، وأمّا ذيلها فليس هو من باب الترجيح ، بل من باب تمييز الحجّة عن غيرها ، فلا دلالة في المقبولة على الترجيح فلاحظ.
ويؤيّد ما ذكرناه من كون صدر المقبولة في مقام ترجيح إحدى الفتويين على الأُخرى ، أو ترجيح أحد الحكمين على الحكم الآخر ، لا في مقام ترجيح إحدى الروايتين على الأُخرى ، ما ذكره في الوسائل بعد فراغه عن الكلام في المقبولة [ وهو ] ما نقله عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليهالسلام « في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف ، فرضيا
__________________
(١) عوالي اللآلي ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٣ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٤٣.
(٣) المتقدّمة في الصفحة : ٢٢١ وما بعدها.