فقال عليهالسلام : إذا لم تعلم فموسع عليك بأيّهما أخذت » (١).
ومن الواضح أنّ التوسعة أو التخيير فيها لمّا كان مسبوقاً بالأمر بالقياس على كتاب الله تعالى وأحاديثهم ، وأنّه ما يكون من الأخبار المختلفة غير مشابه لذلك فهو ليس منهم ، كان ذلك عبارة أُخرى عن التقييد للتوسعة بعدم المرجّح الذي اشتملت عليه المقبولة ، فإنّ كلاً من موافقة الكتاب والسنّة وشهرة الرواية ومخالفة العامّة الذي اشتملت عليه المقبولة داخل في الضابط المذكور ، أعني ما كان مشابهاً للكتاب وأحاديثهم عليهمالسلام ، وحينئذ فيكون المراد من قوله : « ولا نعلم أيّهما الحقّ » كناية عن التساوي في المشابهة المذكورة أو في عدم المشابهة.
أمّا ما اشتملت عليه المقبولة من الترجيح بالأعدلية والأفقهية والأصدقية والأورعية فقد عرفت (٢) أنّه أجنبي عن الترجيح في الرواية ، وإنّما هو مسوق لترجيح أحد الحكمين على الآخر ، ولأجل ذلك لا ترى فقيهاً رجّح رواية على أُخرى بمجرّد الأعدلية ونحوها ، وحينئذ فأين هذا المطلق الوارد في إثبات التخيير حتّى نتكلّم عليه في أنّ تقديم أخبار الترجيح عليه يكون موجباً للتخصيص المستهجن.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ قول الراوي : « قلت » الثانية ، ليس متّصلاً بالسؤال الأوّل ، بل هو سؤال آخر في مقام آخر ، ويكونان حينئذ روايتين صادرتين في زمانين ومقامين جمعهما الراوي في كتابه.
لكنّه خلاف الظاهر ، فإنّ شأن أرباب الكتب وإن كان ربما نقلوا ما يسمعونه
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٢٦٤ / ٢٣٣ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢١ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٠.
(٢) في الصفحة : ٢١٦ ـ ٢١٩.