من الإمام عليهالسلام متّصلاً بعضه ببعض بفاصل « قلت » أو « سألت » ، لكن العادة الجارية هي أنّه إذا اختلف الزمان والمقام أن يقولوا : « وقلت له » بواو العطف مع الجار والمجرور ، لا مجرّدة عن ذلك ، فإنّ التجريد عن الواو والمتعلّق يدلّ على وحدة الزمان والمقام ، وأنّها رواية واحدة متّصلة بسؤالين وجوابين ، فلابدّ أن يكون ما في الجواب الأوّل مقيّداً لما في الجواب الثاني ، وأنّ المراد من قوله : « ولا نعلم أيّهما الحقّ » هو النظر إلى ما أمر به عليهالسلام من العرض على الكتاب وأخبارهم ، وأنّ ما ليس مشابهاً لها ليس منهم ، فيكون الحقّ هو ما كان مشابهاً لها والباطل هو ما ليس بمشابه ، فغرض السائل أنّه ما يكون تكليفنا عند عدم الحصول على هذا المائز والضابط إمّا لكونهما معاً مشابهين لأخبارهم ، وإمّا لعدم إمكان إحراز ذلك ولو من جهة أنّ المورد لم يكن قد ورد فيه شيء من الكتاب ولا من أخبارهم.
ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّا لو قلنا بلزوم الترجيح لم يكن منحصراً بالمقبولة كي يتوجّه عليها ما في الكفاية من الإشكالات ونحتاج إلى تكلّف الجواب عن تلك الإشكالات بما أفاده شيخنا قدسسره.
بل ظهر لك أنّ عمدة أخبار التخيير إنّما هي رواية الحسن بن الجهم ، وهي في نفسها مقيّدة بنفس تلك المرجّحات التي تضمّنتها المقبولة. هذا كلّه على مسلك الكفاية (١) وغيرها من كون أخبار التوسعة دالّة على التخيير.
وأمّا بناءً على ما حرّرناه سابقاً (٢) وأشرنا إليه من كون التوسعة فيها هي التوسعة في موثّقة سماعة ، فلا يكون لنا ما يدّل على التخيير أصلاً ، فلاحظ.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٤٢ وما بعدها.
(٢) راجع الأبحاث المتقدّمة في الصفحة ٢٠٧ وما بعدها.