بل يتسرّى إلى كلّ مرجّح صدوري يوجب كون أحد المتعارضين ممّا لا ريب فيه بالنسبة إلى المعارض الآخر.
وأجاب قدسسره عن ذلك : بأنّ الظاهر ممّا لا ريب فيه أنّه في حدّ نفسه لا ريب فيه لاشتماله على جهة توجب الاطمئنان به وتنفي عنه الريب ، دون ما إذا كان فيه الريب في نفسه ولكنّه كان بالاضافة إلى معارضه لا ريب فيه.
قلت : وهذه الجهة ـ أعني كون عدم الريب إضافياً أو كونه حقيقياً ـ هي العمدة في المقام ، ولأجل ذلك أطال الكلام فيها في هذا الكتاب ، فإنّه بناءً على كونه على نحو الحقيقة لم يكن وجه للانتقال إلى المرجّح الخارج عمّا ذكر في الرواية ، بخلاف ما لو كان إضافياً ، فإنّ محصّله حينئذ هو كون أحد الخبرين وإن كان مشاركاً للآخر في وجود الريب فيه ، إلاّ أنّه لمّا كان احتمال الخطأ فيه أقلّ من احتماله في المعارض الآخر صحّ لنا أن نقول إنّه لا ريب فيه بالقياس إلى الآخر ، وحينئذ يكون عدم الريب عبارة عن أقلّية احتمال الخطأ ، ولازم ذلك هو تقديم كلّ ما يكون احتمال الخطأ فيه أقلّ من مقابله ، ولا ريب أنّ كلّ مرجّح تصوّرناه يكون موجباً لأقلّية احتمال الخطأ ، فيلزم الأخذ به والترجيح به.
وحينئذ ينحصر الجواب بما أُفيد في الكتاب من أنّ عدم الريب وإن لم يكن على نحو الحقيقة وكان مجامعاً للاحتمال ، إلاّ أنّه لا مانع من كونه وصفاً لاحقاً للمشهور في حدّ نفسه لا بالاضافة إلى مقابله ، إذ لا منافاة بين عدم الريب بهذا المعنى وكونه صفة لاحقة لنفس المشهور لا بالاضافة إلى مقابله.
ويكون المتحصّل من ذلك : هو أنّ العقلاء لا يرتابون في الرواية المشهورة ، وإنّما يرتابون في الرواية الشاذّة النادرة ، فلو عرض عليهم روايتان إحداهما مشهورة والأُخرى نادرة ، لم يحصل لهم الارتياب في الأُولى وحصل