الفساد ، كما ربما تومئ إليه بعض الروايات المتقدّمة ، مثل تلك التي أمرت بالسؤال من فقيه البلد (١) وتلك التي علّلت الحكم بفساد قولهم بأنّهم كانوا يسألون أمير المؤمنين عليهالسلام فيخالفونه (٢).
والحاصل : أنّ الغرض هو أنّ قولهم في حدّ نفسه يكون أمارة على الفساد ويكون موجباً لطرح ما وافقه وإن لم يكن في البين معارض ، فضلاً عمّا إذا عارضه ما هو المخالف لهم ، وهو ما قدّمناه من كون الرواية في مقام تمييز الحجّة عن غيرها ، لا في مقام ترجيح إحدى الحجّتين على الأُخرى.
ثمّ إنّه قدسسره تعرّض للترجيح بصفات الراوي وأفاد أنّه لم يثبت الترجيح بها عن الأصحاب ، وأمّا ما تضمّنته المقبولة من الترجيح بها فليس هو ترجيح لإحدى الروايتين على الأُخرى ، بل إنّما هو من الترجيح لأحد الحكمين على الآخر من حيث صفات الحاكم كالأفقهية والأعدلية والأصدقية والأورعية ، ولأجل ذلك جعلناها دليلاً على وجوب الترافع إلى الأعلم في الشبهات الحكمية وأن ضمّ غير الأعلم إليه كضمّ الحجر في جنب الإنسان.
قلت : وقد تقدّم (٣) في بعض الروايات ما يدلّ على الترجيح بذلك في مقام الحكومة من دون تعرّض لاختلاف الرواية.
ثمّ إنّه قدسسره أفاد ما حاصله : أنّهم قد استدلّوا على التعدّي مضافاً إلى ما تقدّم بما تضمّنته المقبولة من الترجيح بصفات الراوي ، فإنّه يستفاد منه تقديم كلّ ما كان من الروايتين المتعارضتين أقرب إلى الواقع.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٥ ـ ١١٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٣.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٤.
(٣) في الصفحة ٢٣٣ ـ ٢٣٤.