على المرجّح الجهتي الذي هو مخالفة العامّة في قبال الخبر الذي يكون موافقاً لهم بمعنى أنّه لو وردت روايتان متعارضتان وكان راوي إحداهما أعدل من راوي الأُخرى ، أو كانت هي المشهورة دون الأُخرى ، ولكن الأُخرى التي يرويها غير الأعدل أو التي هي غير مشهورة وشاذّة كانت مخالفة للعامّة ، وكانت تلك التي يرويها الأعدل أو المشهورة موافقة للعامّة ، فالترجيح يكون لتلك التي يرويها الأعدل أو المشهورة وإن كانت موافقة للعامّة ، ولأجل إثبات هذه الدعوى ذكر هذه الأُمور الأربعة التي يتوقّف على طيّها استفادة الحكم الشرعي من الرواية ، وهي صدور الرواية أوّلاً ، وظهورها ثانياً ، وعدم كونها تقية ثالثاً ، وكون مضمونها تمام المراد لا جزأه رابعاً ، فأفاد أنّ إثبات الأمر الثالث الذي هو عدم التقية إنّما يكون بعد إثبات الأمر الأوّل الذي هو أصل الصدور.
وحينئذ ففي الصورة المفروضة يكون اللازم أوّلاً هو النظر إلى كونهما مشمولين لدليل الصدور ، وحيث إنّ التعارض بينهما مانع من شمول دليل الصدور لكلّ منهما ، وكانت إحداهما مشتملة على الترجيح من حيث الصدور ، كان ذلك المرجّح حاكماً بأنّها هي الداخلة تحت عموم ذلك الدليل ، وأنّ الأُخرى خارجة عن عمومه ، ومع فرض هذه العملية لا تنتهي النوبة إلى التدافع بينهما في الدخول تحت الأصل الجهتي ، كي نقول إنّ الرواية الأُخرى المخالفة للعامّة مقدّمة على الأُولى الموافقة لهم ، هذا.
ولكنّه قدسسره أفاد في الأثناء توقّف الأمر الرابع على الأمر الثالث ، وتكلّم في الأمر الثاني بالنسبة إلى الأمر الأوّل ، وهل هو متوقّف عليه أو أنّهما في عرض واحد ، وتعرّض للدور ودفعه بما تقدّمت الاشارة إليه.
والكلام في هذين المطلبين متوقّف على معرفة ما أراده بالأمر الثاني والأمر