وبعضها متعرّض للأمرين بمثل ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه (١) ، والإشكال إنّما هو في الفقرة الثانية ، أمّا الأُولى فلا منافاة بينها وبين الأخبار المذكورة في شرائط الحجّية.
فنقول : إنّ الظاهر ممّا فيه التعرّض للأمرين أنّه قضية شرطية ، والجزء الثاني منها تصريح بمفهوم الجزء الأوّل منها ، وقد حقّقنا في محلّه أنّ أمثال ذلك ممّا هو مشتمل على قضيتين والثانية منهما معلّقة على شرط ضدّ الشرط في الأُولى لا يكون الجزء الثاني فيه دليلاً مستقلاً ، وإنّما يكون في الظهور تابعاً للجزء الأوّل ، إذ لا يزيد الجزء الثاني على كونه تصريحاً بما هو المفهوم للجزء الأوّل ، وأنّ ضدّ الشرط في الأُولى إنّما ذكر في الثانية من باب التعرّض لبعض أفراد نقيض الشرط في الشرطية الأُولى.
وحينئذ نقول : حاصل مفهوم الشرطية الأُولى فيما نحن فيه أنّ ما لم يكن موافقاً للكتاب فذروه ، والتعبير بالمخالفة في الجزء الثاني قد عرفت أنّه تصريح بذلك المفهوم لا أنّه مقصود بنفسه ، بل لأجل أنّه كناية عن عدم الموافقة ، فليس المدار في المرجوحية على عنوان المخالفة كي يقال هي مختصّة بالمخالفة
__________________
كتاب الله موجوداً حلالاً أو حراماً فاتّبعوا ما وافق الكتاب » الحديث. وفي الحديث ١١ ورد التعبير بوجدان الشاهد من كتاب الله أو قول رسول الله صلىاللهعليهوآله. وفي الحديث ٤٠ ورد التعبير بما يشبه كتاب الله وأحاديثنا. نعم روى في المستدرك عن المفيد رحمهالله في رسالته العددية قول أبي عبد الله عليهالسلام : « إذا أتاكم عنّا حديثان مختلفان فخذوا بما وافق منهما القرآن » الحديث ، فراجع مستدرك الوسائل ١٧ : ٢٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١١ ].
(١) كما في مقبولة عمر بن حنظلة المروية في وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١. وكذا الحديث ٢٩ ، وغيرهما.