ما كان مبايناً للكتاب عن الحجّية ولو في غير مورد المعارضة لما وافق الكتاب فضلاً عمّا إذا كان معارضاً بموافق الكتاب.
أمّا القسم الثاني ، ففيما كان منه غير معارض بموافق الكتاب ، لا ريب في الرجوع فيه إلى الجمع العرفي بينه وبين الكتاب ، أمّا ما كان منه معارضاً بموافق الكتاب ، فقد تقدّم أنّه مورد الترجيح بموافقة الكتاب ، فيقدّم الخبر الموافق للكتاب ويرجّح على غيره ، ويكون الحكم على طبق الكتاب.
ودعوى عدم الفرق بين القول بترجيح موافق الكتاب وبين القول بعدم الترجيح للحكم حينئذ بتساقط المتعارضين والرجوع حينئذ إلى العموم الكتابي ، إنّما تتمّ على القول بالتساقط ، وقد عرفت أنّ ذلك وإن كان هو الأصل في باب التعارض ، إلاّ أنّ أخبار الباب دلّت على وجوب الترجيح والتخيير إن لم يكن في البين مرجّح ، وحينئذ يدور الأمر فيما نحن فيه بين الترجيح والتخيير. وتظهر الثمرة بين القول بالترجيح والقول بعدمه ، بأنّه على القول بالترجيح يكون العمل على طبق العموم الكتابي متعيّناً ، بخلاف القول بعدم الترجيح والرجوع إلى التخيير ، لأنّه لا يتعيّن العمل حينئذ على طبق العموم الكتابي ، لجواز أن يختار ما لا يوافق العام الكتابي.
فتلخّص : أنّه إذا كان لنا خبران متعارضان تعارضاً تباينياً ، وكان أحدهما موافقاً للكتاب والآخر مخالفاً له ، قدّم الموافق للكتاب على المخالف له ، وكان القدر المتيقّن من الأخبار الدالّة على الترجيح بموافقة الكتاب ، هذا فيما إذا كان كلا الخبرين أخصّ مطلقاً من العام الكتابي ، وكانا في أنفسهما متباينين ، وكان أحدهما مخالفاً للعموم الكتابي والآخر موافقاً له ، أمّا إذا كان الموافق له منهما أعمّ من المخالف له ، وكانا معاً أخصّ مطلقاً من العام الكتابي ، فلا يمكن أن يقدّم