الموافق له على المخالف ، بل يلزم في ذلك أن يقدّم المخالف ويخصّص به الموافق ، وبعد تخصيصه به يخصّص العام الكتابي أيضاً ، لأنّه حينئذ بلا معارض ، وبالجملة : أنّه يخصّصهما معاً ، والوجه في ذلك أنّ الجمع العرفي مقدّم على جميع المرجّحات.
قلت : والفرق بين الصورة الأُولى والثانية ظاهر ، فإنّه في الصورة الأُولى يقع التعارض بين الخاصّين المتباينين ، ولابدّ حينئذ من إعمال الترجيح أو التساقط ، وحيث إنّ الموافق منهما للكتاب أرجح من الذي هو مخالف له ، كان اللازم تقديمه عليه وإن كان ذلك المخالف للكتاب أخصّ من عموم الكتاب.
وهذا بخلاف الصورة الثانية فإنّه لمّا كان المخالف للكتاب أخصّ ممّا هو موافقه ، لم تقع المعارضة بينهما كي يكون اللازم هو الترجيح أو التساقط ، بل كان اللازم هو كون ذلك الخاصّ مخصّصاً لما هو مقابله وللعموم الكتابي.
ومن الكلام في الصورة الثانية يظهر لك الحال في عكسها ، وهي ما لو كان الخبر المخالف للكتاب أعمّ من الخبر المقابل له الموافق للعموم الكتابي ، فإنّ ذلك الموافق للكتاب يخصّص المخالف له ، وبعد تخصيصه به يكون ذلك الخبر المخالف بما بقي تحته مخصّصاً للعموم الكتابي الذي هو أعمّ من الجميع ، مثلاً لو كان العموم الكتابي بمنزلة أكرم العلماء ، وورد لا تكرم النحويين ، وورد أيضاً أكرم النحوي من الكوفيين ، فإنّ الثالث يخصّص الثاني ، فيبقى تحت الثاني خصوص النحوي البصري وأنّه لا يجب إكرامه ، فيخصّص به العموم الأوّل ـ أعني أكرم العلماء ـ باخراج النحوي البصري.
ومن ذلك تعرف أنّ ما تعرّض له في الكتاب بقوله : فاللازم هو الجمع بين الكتاب وبين الخبر المخالف له بتخصيص العام الكتابي بما عدا مورد الخاصّ