كان الاهمال فيه من هذه الناحية في مقام الثبوت ممكناً بل متعيّناً ، لعدم إمكان كلّ من الاطلاق والتقييد من هذه الناحية في ذلك ، وحينئذ فالحاكم يجعل الحكم بذاته وهو بطبعه يقتضي البقاء ، فلو كانت مصلحته محدودة يلزمه نسخه عند انتهاء أمد مصلحته ، ويكون نسخه رفعاً حينئذ ، وإن كان بالقياس إلى الدليل الدالّ على دوام ذلك الحكم واستمراره ممّا أثبتنا به العموم الأزماني من قبيل التخصيص الأزماني ، هذا.
ولكن هذا التأمّل في كون النسخ رفعاً أو دفعاً لا يؤثّر فيما نحن بصدده من ترجيح أصالة العموم على أصالة عدم النسخ عند دوران الأمر بينهما ، وذلك لأنّ الرجوع إلى العموم الأزماني أو الاطلاق الأزماني أو استصحاب بقاء الحكم إنّما هو بعد تحقّق الحكم الوارد على العام ، ووجود هذا المخصّص مانع من الأخذ بعموم العام الأفرادي ، فهو يقلب العام إلى ما عدا مورد ذلك الخاصّ قبل وصول النوبة إلى الشكّ في شمول العموم أو الاطلاق الأزماني بالنسبة إلى ذلك الخاصّ بعد صدوره أو إلى الشكّ في بقاء الحكم العام فيه بعد صدوره.
وحاصل الأمر أنّ مرتبة العموم الأفرادي وتخصيص ذلك العموم الأفرادي بذلك الخاصّ الوارد بعده قبل مرتبة شمول العام الأزماني في ذلك العام بالنسبة إلى ذلك الخاصّ بعد صدوره ، أو مرتبة بقاء الحكم العام فيه واستصحابه إلى ما بعد صدوره ، وقد حرّرنا تفصيل ذلك في المبحث المشار إليه ، فراجع.
وربما يتخيّل في المقام سقوط كلّ من أصالة عدم النسخ وأصالة عدم التخصيص ، بتوهّم أنّ مورد الخاصّ بعد صدوره نقطع بأنّ حكم العام لا يجري فيه من الآن فصاعداً ، لأنّه إمّا ناسخ للعام أو مخصّص له ، وعلى كلّ منهما لا يمكن إجراء أصالة عدم النسخ فيه بالنسبة إلى ما يأتي ، ولا أصالة عدم