التخصيص ، للقطع بأنّه بعد صدور هذا الخاصّ لا يبقى محل للعمل بالعام فيه بالنسبة إلى ما يأتي.
وفيه : ما لا يخفى ، أمّا أوّلاً : فلأنّ إجراء هذين الأصلين وتعارضهما إنّما هو بالنسبة إلى ما مضى ولو باعتبار ترتّب القضاء أو الاعادة ، ولا ريب في إمكان إجراء كلّ من الأصلين في حدّ نفسه بالنسبة إلى ما مضى ، غايته أنّهما يتعارضان فيسقطان ، أو أنّ الساقط هو أصالة عدم النسخ ، لما عرفت من حكومة التخصيص عليها.
وثانياً : أنّ إجراء الأُصول في الطرفين إنّما هو بحساب كلّ طرف على حدة ، وبعد عدم إمكان الجمع بينهما نرجع إلى التساقط أو التقدّم الرتبي المذكور ، ومن الواضح أنّا لو خلّينا نحن واحتمال كون ذلك الخاصّ ناسخاً للعام ، لكان المرجع هو أصالة عدم النسخ ، كما أنّا لو خلّينا نحن واحتمال كونه مخصّصاً له لكان المرجع هو أصالة عدم التخصيص ، غايته أنّ هذين الاحتمالين المتولّدين من العلم الاجمالي بأحدهما يوجب العلم التفصيلي بأنّ ذلك العام لا يمكن العمل به في مورد ذلك الخاصّ من حين صدوره ، وهذا العلم التفصيلي المتولّد من ذلك العلم الاجمالي لا يضرّ بجريان كلّ واحد من الأصلين في حدّ نفسه في ناحية الشكّ فيه مع قطع النظر عن الطرف الآخر.
وقد تعرّض قدسسره لذلك مفصّلاً في هذه المسألة في آخر مباحث العموم فراجعه ، فإنّه قدسسره أفاد هناك أنّه لا يمكن الرجوع في هذه المسألة إلى أصالة عدم النسخ لوجهين ، فراجعه (١)
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٠٠.