المعارض.
لأنّا نقول : إنّ ذلك إنّما هو في الخاصّ الذي له معارض ، فإنّه مع وجود المعارض له لا يمكن أن يكون مخصّصاً للعام ، وما نحن فيه إنّما هو في العام الذي له معارض وله خاصّ ، فإنّ العام لا يمكن أن يكون معارضاً للعام الآخر إلاّ بعد تمامية دلالته المتوقّفة على عملية التخصيص.
والحاصل : أنّ الخاصّ لا يمكن أن يخصّص العام مع فرض وجود المعارض لذلك الخاصّ ، والعام لا يمكن أن يعارض مثله مع وجود الخاصّ ، بل لابدّ أوّلاً من إعمال التخصيص ثمّ بعد التخصيص ننظر النسبة بينه وبين معارضه فربما انقلبت إلى كونه أخصّ مطلقاً من معارضه ، كما لو قال : أكرم العلماء ، وقال : لا تكرم العلماء ، وكان في البين قوله : لا تكرم فسّاق العلماء ، فإنّه بعد تقديم الثالث على الأوّل وتخصيصه به يكون محصّل الأوّل أكرم العلماء العدول ، وهو أخصّ مطلقاً من قوله : لا تكرم العلماء ، فيقدّم عليه ، وربما انقلبت النسبة إلى العموم من وجه كما فيما نحن فيه ، وربما ارتفع التعارض كما لو كان بين الدليلين المتعارضين عموم من وجه ، وكان في البين خاصّ يخرج مورد الاجتماع عن أحدهما فقط ، بأن كان ذلك الخاصّ موافقاً للآخر ، أو يخرجه عن كليهما ، بأن كان ذلك الخاصّ مخالفاً لهما معاً ، أمّا إذا أخرج مورد انفراد أحدهما انقلبت النسبة بينهما من العموم من وجه إلى العموم المطلق ، ويكون ذلك المخصَّص الذي أُخرج منه مورد الانفراد أخصّ مطلقاً من مقابله فيقدّم عليه ، وسيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل ذلك في شرح موارد انقلاب النسبة (١)
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٤٥ ، وأشار إليه المصنّف في الصفحة : ٩١ من هذا المجلّد.