والحكم فيه أنّ الأخير يخصّص كلاً ممّا فوقه ، وما يبقى للثاني يخصّص به الأوّل ، فيحكم بكراهة إكرام نحوي الكوفة ، وبحرمة إكرام النحوي غير الكوفي ، ووجوب إكرام باقي العلماء غير النحويين.
النحو الثالث : أن يكونا مختلفي الحكم مع كون أحدهما موافقاً للعام ، فإن كان الموافق له هو الأكبر منهما كان الأصغر مخصّصاً له وللعام ، مثل أن يقول : يجب إكرام العلماء ويجب إكرام النحويين ويحرم إكرام نحوي الكوفة ، وحينئذ يكون الحكم هو حرمة إكرام الكوفي من النحويين ، ووجوب إكرام من عداه من العلماء والنحويين.
وإن كان الموافق له هو الأصغر ، مثل أن يقول : يجب إكرام العلماء ويحرم إكرام النحويين ويجب إكرام الكوفي من النحويين ، كان اللازم جعل الأصغر مخصّصاً للأكبر والأكبر بما يبقى منه مخصّصاً للعام ، ويكون الحاصل أنّه يجب إكرام العلماء ما عدا غير الكوفي من النحويين.
وهذا النحو الثالث لا يتصوّر فيه انقلاب النسبة بكلا شقّيه ، وإنّما يتصوّر في النحو الأوّل والنحو الثاني ، فتأمّل جيّداً.
ثمّ لا يخفى أنّه لو اتّفق لزوم التخصيص المستهجن في العام فهو إنّما يكون من ناحية أكبر الخاصّين ، أمّا الأصغر منهما فلا مانع من تخصيص العام به ، وحينئذ تنقلب النسبة بين العام والخاصّ الأكبر إلى العموم من وجه ، فيقدّم العام ، لأنّه لو قدّمنا عليه الخاصّ الأكبر لبقي العام على مورد نادر ، إلاّ أن يمنع من انقلاب النسبة ويدّعى بقاؤها على ما كانت عليه قبل تخصيصه بالخاصّ الأصغر من كونها ملحقة بالتباين ، وفيه تأمّل.
لا يقال : قد تقدّمت الاشارة إلى عدم إمكان التخصيص مع وجود